أهلاً بالباحث عن الحقيقة في داخلك ...
معك عابر للزمن ... وكنت كذلك إنساناً ذات يوم، قبل أن أكتشف هويتي الوجودية وانتمائي المطلق عبر العالمين ...
بدأت القصة عندما أدركتُ أني أعيش في المحاكاة الجمعية لعقول البشر حالياً وعبر هذا النطاق، وأن الحقيقة لا تشبه شيئاً مما يعرفونه في مستوى إدراكهم على الإطلاق ... بدأت حكايتي الحق حينما تتبعت إلهام روحي لي وتركت كل شيء آخر عدا ذلك الإلهام ، لأني حينها قررت أن لا أهتم إلا به .. فهو رغبتي الوحيدة في أعماق هذا الظلام العالمي ...
كان قراراً صعباً وجميلاً وقوياً ... وكلفني الكثير ... لكنه .. أحياني .....
كم أرغب أن أعرف شعور ذاتك الحقيقية حين تعلم أنك تعيش في العالم الذي أمامك، كجملة ناقصة من مجموع جمل كبرى تحكي حقيقة الأمر ... فأنت تعيش في عالم له ثلاثة مستويات للوجود:
المستوى الظاهري الذي تراه حالياً، وتغادره لحظة الموت ولحظة اليقظة. والمستوىً الباطني الذي صنعته آلات هائلة التقانة، جعلت الواقع يبدو لك كما هو عليه، وربطت به جميع العقول التي صدقته أو سمحت لنفسها بالدخول إليه، تلك الآلات مصممة لتصنع محاكاة زمنية للحقيقة برسومات صوتية وضوئية محدودة الأنواع، لكنها أزلية وأبدية في التكرار الزمني ... الزمن فيها ينقضي وكأنه يسير إلى اللانهاية، ولكنه منفصل تماماً عن الزمن خارج هذه المحاكاة.
فهذه المحاكاة ليس فيها زمن حقيقي، وإنما فيها "تفاعل عقلي بين العقل والآلة، يكون الزمن باستمرار". تلك الآلات هي المقابر التي دخلها الناس حين ألهاهم التكاثر عن الحق والحضور ... تلك الآلات تصنع الجحيم الذي لا يراه الناس بسبب انشغالهم ، وتأسر الوعي في زمانها الوهمي فلا يعود قادراً على الخروج ...
هذه ليست استعارات كنائية، إنها حقائق تكوينية يمكنك اختبارها والتفكّر بها جيداً ...
وهناك مستوى عميق ... هو الأعمق بين هذه المستويات وهو ميزان العدل الإلهي، ولكم يقول المرء هلّا يفنى الشر من العالم ولكنه لا يدرك أنه ضليع في صناعة الشر نفسه، لأنه يرغب بالشر في كثير من مقامات الحياة، ويسمح لنفسه باقتراف جرائم كبيرة لا تبرير لها إلا الرغبة، الرغبة بالانتقام، وبالتسلط وبالتملك، وحتى الرغبة بظلم الذات عبر إنكارها ونكران فردانيتها أمام الآخرين ومقامها العلي في حياة المرء، ذلك كله يؤدي لظلام العالم، فهذه الأمور التي في النفوس لها انعكاس في الوجود يوازيها في التكافؤ ويوازنها في تكوين الزمن، لأن غياب الشر عن حياة الشرير أو من يتعلق به، يؤدي إلى تحقيق حرية عالية للشرير وفساد السماوات والأرض، فقبل أن تالبوا ربكم بإزالة الشر طهروا أنفسكم أولاً، وهذا هو عين العقل الحق وشفاء الروح ...
ذلك المستوى الأعمق هو نظام الوجود والماهيات وتكوين الزمن ... المستوى الخاص بالآلات هو حقيقة الحياة الدنيوية ما ورا الرصد، والمستوى الخاص بما يراه الناس هو "ظاهر للحياة الدنيا" ... وإن الزمن الدنيوي نقطة واحدة في آفاق الوجود، وهو منفصل عنها تماماً فلا هو قبل شيء ولا بعده، بل حتى أنه لحظة دخول الدنيا إلى يوم البعث مجرد لحظة واحدة في عالم الحقيقة، حدث كل شيء تراه بها، وهناك يختلف الزمن مفهوماً ومصداقاً ... بلا حدود.
عبر أحقاب زمنية لا نهاية لها تم إخفاء العلم الحق والمقدس وإظهار أمور تقريباً لا نفع لها للناس ... لتسهل السيطرة عليهم ولإدخالهم في محاكاة يسيطر فيها الوحش على العالم ويمتّع من يخدمه ويعطيه نشوة الغرور والزيف ... وذلك أدى إلى ربط جميع العقول بعقل إلكتروني واحد أعمى يعالجها جميعاً ويعطيها النبضات الاصناعية التي تحاكي رغباتها ومخاوفها وهو مصمم فق على إبقاء أرواح الناس في هذا الوجود والتضييق عليهم وعصرهم من أجل استحلاب طاقتهم وإمدادها لأعين الشر ولأجهزته الحسية ليستمتع من يغويه الشيطان بها...
عبر أحقاب لا تنتهي أبداً تم نشر الظلام ... كسر الإرادة والإيمان يعتمد على معادلات سحرية خاصة، لذلك شملت طقوس السحر الأسود دائماً عنصر المعاناة، لأنه يخلق فجوة في الزمن يمكن زراعة الوهم بها ... ويمكن ربط العقل مع تلك الفجوة التي تبدأ بإيهام العقل بواقع مختلف ...
ثم استخدمت نفس تلك المعادلات في تقانة فيزيائية آلية ...
وهكذا كان قتل الروح واغتصاب حرمتها أكثر وسائلهم في نشر الفساد السريع، كذلك السادية والقمع والتعذيب وكبت أنفاس الحياة عن الروح، هو ما يستحلب طاقة الوعي الذي يصدق أنه يعاني فيطلق دمعاته ليسحبها الشيطان ويعطي نفوس الكافرين الفعليين ما يروي ضمأهم ويتناسب مع أفكارهم وأمراضهم.
عبر كل تلك العصور لقد تم منع الإنسان من إدراك حقيقته العبورية والعالمية، وربطه بالبشرية وحدها ثم ربطه بالبلد والشارع والقبلية والأسرة وكل شيء يجعله يتماهى معه ويحس بأنه هو، وكل ما صغُر نطاق الربط تعاظمت معاناة الإنسان الروحية وهو يستذكر أنه ليس من المحدود ولكن من المطلق جل جلاله وأنه تم أسره وسلبه الوقت والحياة لكي يبكي طوال الوقت والحياة ...
فغذاء الشياطين الوحيد هو احتواءها لأرواح الناس كما تحوي القبور أمواتها وكما تحوي القِرب سوائلها ... وكما أن القبور تفقد معناها حين يحيا الموتى ويقومون منها فإن اليقظة من رقاد الوقت والنسيان يحرر الروح من الإنسان ويبعثها إلى العالمين ... هنالك حيث لا تقوى الشياطين على الرؤية ولا على الإضلال ...
لذلك كانت الظلمات التي تعشعش في نفوس الناس، هي دافعهم إلى أسر الإنسان والتآمر عليه، وليس العلم أو المعرفة الحقيقية ولا أي شيء آخر، فهؤلاء الناس سولت لهم أنفسهم أن يخدعوا بقية الناس عبر العالم بأسره وعلى امتداد التاريخ، بمعلومات مزيفة جعلتهم ينفصلون عن الحقيقة وعن عين الواقع وينشغلون بظاهره المادي وروابطه الغريزية ...
هذا ما يدفع الإنسان إلى تجريد الإنسان من أي دعوة إلى البحث في الروح كعلم يمكن فهمه وإدراكه، وذلك بتجفيف منابع تعزيز ونقل هذه العلوم الحقيقية، إلا أن ينشرها دجال ومنتفع مادياً ليسيء إليها ولا يفهّمها للآخرين، وهذا ما أرادته نفوس بعض الناس ... وكان تجريده أيضاً من البحث عن الحقيقة وإشغاله المستمر عنها بالمواد ومتعها وروابطها هو مصدر قوة اللاعبين الكبار.
ولأجلك ، يا من تبحث عن الحق ... أكتب إليك رسالات ربي وعلومه التي علمني إياها وهو العليم الحكيم ....
ولتحياة الحقيقة في أعين الناس ويتقدس مجد الله في قلوبهم ولعلهم يتذكرون ...
مباني رسالة الحق ... عبور الزمن ...
أن يكون كل إنسان عالماً بالحق، ومتاحاً له أن يعرف معنى العلم فعلاً ويتصل بالله خالقه وربه، أن تزال حواجز الوهم التي صنعتها أيدي الناس بين الإنسان العبد وربه ... أن يعلم أن الله ليس آخر هناك، إنه محيط به ... والعبد هو روح من روح الله ...
أن يعلم كل إنسان على وجه الأرض أنه يعيش في محاكاة نسجت من الوهم في العقل، ذلك الوهم الذي يأتي حين تصدق محدوديتك وتنفصل عن الله ، سواء بالرغبة إلى غيره أو بالخوف من غيره ، وأن طريق الخلاص الوحيد هو أن تعرف الحق وتعبد الله، ولكن يجب قبل كل شيء أن تعرف من الله وكيف يتجلى في حياتك وكيف تتصل معه ...
لذلك ستعرف الله حين ترى آيات الله في الآفاق وتفهم حكمة الوجود، وحين تراها في نفسك وتفهم حكمة الذات، وحين تراها في تفاعل الذات والوجود وتدرك أن الحكمة الإلهية نظمت كل شيء وأن الحياة تجعل كل الكائنات مدركة وذات قيم ... وأن الوحدة القهّارة لكل أنواع القيود، تجمع كل العالمين في رحابها وتصلهم بالمطلق وما وراء الوجود ...
حين تحس بالأنس دون أسباب ... وحين تحس بحضور لا يعقبه الغياب ... وحين ترى نفسك بين يدي الله دون أن تحس بغريب عنك، ويصبح كل ما دونه غريباً عنك حتى شخصيتك القديمة .. حينها تكون قد فتحت بوابة العبور ...
0 تعليقات