Advertisement

Main Ad

كينياء الزمن (7) : الثقب الأسود, والطاقة السالبة وبوابات العبور الزمني || تعرف إلى حقيقة العدم ومجال تأثيره [ بحث خاص ]

من المعلوم لجميع مراقبي البحوث الفيزيائية المعاصرة الدائمين، أن تكوينية الثقب الاسود من الناحية الفيزيائية البحتة تبقى وستبقى في حيز النظريات، وتذكر أنه من المستحيل على الفيزياء أن تصل لمعرفة العلل الحقيقية للأحداث وإن كانت فيزيائية.

وليس هناك علامة فارقة في الفلك تسهم في فهم كيفية انوجاده، يقولون إنه النجم ينهار على نفسه وأقول لك أن هذا مستحيل، النجم حين ينهار على نفسه يصبح كتلة تكاثفية هائلة، هذا صحيح، وهي تحرّف نسيج الزمكان من حولها إلى نطاق معين وهذا صحيح، لكنها ليست ثقباً أسود ,,, لأن الثقب الأسود ،ليس فقط يحرّف الزمكان من حوله، أي ليس فقط مجرد كتلة تكاثفية لها تأثير هائل على النسيج.

بوابة زمنية عبر عوالم الفيزياء :

يوجد خصائص معينة للثقب الأسود وأهمها الجاذبية الهائلة التي يتسم بها، حيث أن الضوء لا يمكنه أن يعبر أفق الحدث دون أن يتم امتصاصه عبر ذلك الكائن، ولكن سرعة الضوء هي السرعة الأعظمية في الكون، بمعنى أن أي اتصال محلي بين كائنين لا يمكن أن يتم بأسرع من سرعة الضوء، لكن الاتصالات والتفاعلات التي تخترق حاجز هذه السرعة، هي تفاعلات تجريدية، لا تحدث ضمن فضاء الكون المحلي نفسه، ولكن ضمن الفضاء الذي يقع به كوننا.

إن قوة الجاذبية حتى وإن استطاعت امتصاص نسيج الزمكان المحلي بفعل التكاثف الفائق، ليدخل هذا النسيج في نقطة المركز من حقل الجذب فإن ذلك ليس بكاف حتى من أجل توليد الثقب الأسود،

لأن سرعة جذب الفجوة السوداء للمحيط المادي تتجاوز حتى مقدار إزاحة الزمن والمكان معاً والذي يفصلها عما تستهدفه، وهذه الإزاحة أصلاً ناشئة عن العلاقة بين الكُتَل، أي لو كان جذب الثقب الكتلي هو سبب ما يحدث لكان الأولى أن تتواجد الإزاحة ثم يحدث الجذب، ما يحدث فعلياً أن الإزاحة تختفي، على عكس جميع ظواهر التجاذب الكتلي الأخرى.

وهذا يعني أنها لا تعتمد عليهما في الانتقال (لا تعتمد قوة الجذب التي يصدرها على الزمكان = لا تعتمد على الكتلة ) ولكنها "تؤثر " على البيئة المادية، تأثيرها له سلطة أعلى من قوى المادة فهي لا تتأثر بها، بينما الجاذبية الفائقة "يجب" أن تراعي الزمان والمكان في مستوى فضاء الانتقال الذي تتفاعل عبره مع الأشياء على الأقل، وإلا فإن الجاذبية ليست بجاذبية فيزيائية أصلاً ولا علاقة لها بكل ما نعرفه عنها.

تخيل أنك لديك ورقة وعليها مسار من النقطة A إلى النقطة B ، لتتحرك أنت ضمن هذه الورقة عبر AB فستحتاج إلى أن تقطع مسافة الإزاحة ، والإزاحة هي أقصر مسافة ممكنة بين النقطتين وتشكل المستقيم الواصل بينهما، ولكن إذا فكرت خارج الصندوق، أنت لا تحتاج إلى قطع مسافة الإزاحة، وإنما إلى التحرر من الورقة نفسها، فهذه الورقة تقع في نطاق أكبر منها وهو نطاق الغرفة، وأنت في الغرفة يمكنك مثلاً "طي الورقة" بحيث تستطيع أن تصل من A إلى B دون أن تعبر الإزاحة، ودون حتى أن تحرك جسدك.

هذا الكون هو تلك الورقة، والنقطة A هنا ستكون النجم والنقطة B ستكون الثقب الأسود، ما يحدث فعلياً أن قوة الاتصال بين النجم وبين الثقب الأسود تتعدى حدود الإزاحة، لأن الإزاحة لها بعد مكاني ، ولها بعد تفاعلي زماني أو لنقل لها بعدين هما المسافة والسرعة، والإزاحة في كوننا من حيث المسافة هي الفضاء الحر، بينما من حيث السُرعة فإن الإزاحة هي الاتصال الضوئي، وربما تسأل لماذا، وسأجيبك أن الضوء ليس له كُتلة، وهذا يجعله يتنقل دون تعرض لتأثير الجاذبية، وأما انحراف الضوء بسبب الكتل الفائقة مثل النجوم والشموس، هو في الحقيقة "انحراف مسار الضوء أو مسافة الإزاحة" هو انحراف المكان الذي يعبره الضوء وليس الضوء نفسه … الضوء المجرد لا يمكن لشيء أن يخترق سرعته ضمن هذا الكون.

ولكن الثقب الأسود ، ليس فقط يحرف المكان، أي لا يؤثر فقط على مسارات الضوء، بل أيضاً "يمتص المكان" أو يمتص النسيج الزمكاني، ولذلك المسألة تتعدى فكرة الثقالة الفائقة، لأن الضوء الذي يقترب من مدى الثقب الأسود لا يمكنه التحرر من هذا المدى، أي أن إزاحة سرعة الضوء وهي السرعة الأعظمية في الكون يتم اجتيازها من قبل قوة الجذب الأسود. هذا يعني أنه لا يعتمد على نظام الكون المادي في سرعته، ولذلك لا تكفي معادلات الفيزياء القياسية لوصف هذه السرعة، فهي أسرع من "الحدث" نفسه، وكما في مثال الورقة، لم يحتج الثقب الأسود إلى إرسال موجات الجاذبية لكي يؤثر على الكتل أو على الضياء، إنما هو موجود في عالم آخر، عالم مجرد من البعد المكاني الثالث، عالم فيه هذا البُعد مطوي تماماً ويمكن التحكم به بشكل متكامل وتام.

إنه عالم ببُعدين فقط، وأما البعد الثالث فهو متحرر تماماً من القيود، ولذلك يسمى ب"الثقب" لأنه يثقب الورقة من طياتها فيصل بين نقاط زمكانية مختلفة فيها، وربما يصل بينها وبين أبعاد أخرى، بعضها أكثر تجريداً، وبعضها أكثر تعقيداً وتقييداً.

إنه أسرع من الضوء في الاتصال (المحلي) ولكنه أيضاً يمتص الزمكان، وهذا سر سرعته … إنه ضد الزمكان المحلي، بل هو بوابة لفناء الزمكان الفيزيائي، بل هو شيء أشبه ببوابة تنفذ منها الأشياء إلى حيز اللاوجود، تكوينية الثقب الأسود لا تتعامل مع الفيزياء، إنها تحطم الفيزياء تحطيماً، لكنه مقيد بنطاق معين للوجود ضمن هذا الكون وذلك بحسبان دقيق ...

قد يكون الثقب الأسود بوابة للعبور إلى عالم من الحرية والحقيقة، أو إلى عالم من التقييد والزيف، وقد يكون هذا الثقب مخصصاً لامتصاص أشياء معينة دون غيرها، فربما يمكنك إنشاؤه في توافق برمجي مع غرفة ما في منطقة معينة من العالم، بحيث لا يمتص كامل الأرض لأنه لم يتم توجيهه لامتصاصها، ولكن يعبر بك إلى بوابة لكوكب آخر أو حتى لعوالم أخرى … مع أني لا أنصحك أبداً بالدخول إليه هكذا من تلقاء نفسك.

سنتحدث الآن عن الثقب الأسود في أبعاده الظلامية ولنرجئ الحديث عن العوالم النورانية إلى موضوع آخر …

داخل الثقب الأسود أو ما وراءه ، يوجد عالم، كان يسمى في قديم الزمان بعالم الظلام، وهذا العالم هو العدم الموضوعي، وكلمة العدم لها عدة معاني وتشمل العدم النسبي ضمن النظام نفسه، وعدم الشيء من النظام بأسره، وكذلك انعدام النظام البيئي المقصود.

يقصد بالعدم هنا ، شيئاً ليس له وجود موضوعي، لكنه قابل لإدراك والرؤية الراصدة، فالأرصاد لا تكشف فقط الموجودات الواقعية، يمكن أن تكشف الأعدام أيضاً ، وهنا أطرح عليك السؤال :

العدم بالنسبة لك ماذا يعني ؟

العدم يعني ثلاثة أشياء …

أ. العدم النسبي :

أول معنىً للعدم هو انعدام الشيء في حيز معين، مثلاً لديك عشرة فواكه في صندوق، أخرجت واحدة منه ، فصارت معدومة ضمن النظام الصغير "الصندوق" المنتمي إلى نظام أكبر "كوكب الأرض"، ولكنها لم تنعدم تماماً، لا يزال لها وجود ضمن هذا الكوكب، وفي الحقيقة إن انعدام شيء في حيز نسبي يعني انوجاده في حيز نسبي آخر عندما يكون الحيزان ينتميان معاً إلى نظام الإحداثيات الزمني نفسه، أي أن التفاحة كانت معدومة في الخارج وموجودة في الصندوق، ثم صارت موجودة في الخارج ومعدومة في الصندوق، ومحصلة الأمر هي دائماً نفسها لا تزيد ولا تنقص، تماماً كحركة البندول، محصلتها هي المحور وهو الصفر التوازني، وصيرورتها هي سلب يعقبه إيجاب - أو إيجاب يعقبه سلب، هكذا ينشأ الزمن الموضوعي الغيابي بالضرورة من تضارب الأحداث وتفاعل المتناقضات.

ب. العدم المطلق للشيء بالنسبة للنظام :

هناك أيضاً معنى آخرُ للعدم، وهو العدم من نطاق النظام الكلي أو المجموعة الكلية، ماذا لو تخيلتَ التفاحة وهي تخرج من حيز الزمن الموضوعي نفسه ؟ ببساطة، لم يعد لها وجود في الزمن الذي ترصده، لا داخل الصندوق، ولا خارج الصندوق …

تختفي مادتها تماماً من الوجود المحلي، ربما تظنه فرقاً بسيطاً ليس يُذكر، لأنك تحتسب كتلتها فتراها هامشية، ولكن التفاحة بالنسبة للفيزياء، أكثر من مجرد الكتلة، ونحن نتحدث هنا عنك أنت إذا كنت تلك التفاحة وانعدم وجودك في عالم الفيزياء فجأة … ما الذي سيختفي بالضبط من راصدتك ؟ الزمن المحلي سيصير معدوماً ! إن إدراكك للزمن المحلي هو ما سيختلف، إن انعدامك من الوجود المادي يساوي انعتاقك من قيود المادة، مثلاً لن يكون هناك جاذبية تأسر حركتك، ولا قيود على انتقالك الزمكاني، أو على رصدك للوقائع الزمنية، كذلك سترى كافة الاحتمالات للكون وهي محققة تماماً، كل ما ستتخيله ستراه … وهنا ستكون المفارقة.

أنت الآن في تجريد عن الزمن الموضوعي، لكنه يمكن أن يكون تجريداً بمعنيين، ومن الصعب التعبير عنهما بتسمية مناسبة إلا القول : التجريد النوراني الحق، والتجريد الظلامي الوهمي :

بالنسبة للتجريد النوراني، فإنك لم "تنأسر" عن الوجود الموضوعي المادي، وكل ما في الأمر هو أنك تحررت من قيوده، يمكنك الاتصال به بحرية شبه مطلقة، ولكنه يبقى حقيقة، الأشخاص الذين يقعون فيه ممن لهم وجود موضوعي، يبقون كذلك موجودين وتراهم، لكنك تراهم وتحس بأرواحهم النورانية وتحس باتحادك مع النور الذي في حضرتهم، الكائنات أيضاً تتبدى لك حقائقها النفسية والروحية، لا شيء وهمي، وحتى حين تقرر التفاعل والتأثير في هذا العالم وهذا الزمن، يمكنك التأثير حقاً عليه، وتغيير شيء فيه فعلياً، ليس فقط في راصدتك أو مخيلتك، وإنما في بناء العالم نفسه.

ستكتشف أرواحاً أخرى تقطن ذاك المجال، وستكون قواك الإدراكية أعلى من مستوى الشك بكثير، يمكنك أن تحس باليقين بكل شيء تقريباً، وتتحسس المقدس وتعبر الزمن، ويمكنك الاطلاع على عوالم أخرى ل تكن تشهدها من قبل، وحتى أنه يمكنك الارتقاء.

ولكن في حالة التجريد الظلامي فإن العكس يحدث دائماً، أنت ترى الزمن لعبة بين يديك، ترى كل ما تحب أن تراه ولكنك لا تحس بوجوده أبداً، كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه … يمكنك أن تختبر ما تشاء وما تريد وأن تدخل في المحاكاة الزمنية التي تتصورها مبدئياً، لكنك ستحس دائماً بأنك وحيد وأعزل ومأسور هنا في أعماق جحر الأرنب.

الفرق بين الوجودين ليس موضوعياً، كلاهما محسوس مادياً وله قوام مادي، إذا كانت المادة هي الحقيقة بالنسبة لك فلن تحس بالفرق، ولكنك ستحس به في اللحظة التي تبحث فيها عن الحقيقة المُطلقة … وحينها ستبدو لك كم هي تافهة هذه المحاكاة وكم هو تعيس من يدخل في أقفاصها، الحقيقة المطلقة هي الروح المتمثلة بقوام مادي وهي الضياء المنبعث من هياكل التوحيد، وهياكل المادة نوع من تلك الهياكل المقدسة ولكنها تحتاج دائماً إلى الروح وتحتاج أنت للاتصال بالحقيقة عبرها إلى الحدس والإدراك.

الحواس المادية لوحدها لا تخبرك بالحقيقة، وعندما تستعمل الإدراك وتستعين بالحدس المقدس لديك فإن الماديات تخبرك بحقائقها وتخبرك المحاكاة الوهمية بحقيقة زيفها الزمني المضلل، وهكذا تفهم ماذا تعني الجنّة، وماذا يعني الجحيم …

لاحظ معي أن حركة البندول من الجانب الأول إلى المحور، وارتدادها من المحور إلى الجانب الثاني هي حركة موجبة، تستدعي رد فعل سالب، يساويها في القوة ثم يبطل عملها، أي من أقصى الجهة الثانية إلى أقصى الجهة الأولى، وهكذا يحدث توازن يستحيل اختراقه إلا من البيئة الخارجية المحيطة بالبندول.

تصور معي أن درجة ما تختفي نهائياً من خيط الندول أو من قوته … إنها لن تختفي لوحدها ولكن سيختفي نقيضها أيضاً، أي أن حركة البندول ستتغير كمياً، ستصبح أقصر وأكثر انكماشاً، وهذا وأنت لم تغير إلا "درجة كمية" فحسب، لكن ماذا لو غيرت "ِشيئاً نوعياً" مثل إبطال حركة جانب البندول نفسه ؟ حينها سيتوفى زمن البندول.

ج. العدمُ المطلق للنظام بالنسبة للشيء :

يمكن لروح تتحرر من منظومة الفيزياء أن تصبح الفيزياء بالنسبة لها لا شيء، ليس بمعنى أنها غير موجودة، ولكن بمعنى أن المادة بحد ذاتها وكقيود تعزل الإدراك عن حقيقة الوجود المتجلية في حقائق الأشياء وأرواح العالمين، تصبح هذه المادة لا قيمة جبرية لها على الذات، يمكنك أن تعتبرها أصبحت "زينة" بعد أن كانت "تزييفاً وقناعاً" ولهذا تكون المادة بالنسبة للإدراك محررة تماماً من ماديتها.

طبق الأمر على الصفر أيضاً، الناس لا يفهمون لماذا القسمة على الصفر تؤدي لنتائج متباينة، فهو أحياناً يعني اللانهاية ولكن هذا غير مقبول، والحقيقة أن الصفر هنا يعتمد في تعريفه على علاقته بالنظام الذي ينتمي إليه، فلو قسمت واحداً على صفر بالنسبة لنظام مغلق (كنظام الصندوق) فالنتيجة هي الصفر، لكنك حين تقسّم واحد على صفر مفتوح النظام، فإنك لا تلغي وجود الشيء، وإنما تحرره.

بالنسبة لك كوعي راصد للأحداث، فإن بندول الزمن سيتغير إذا انعدم شيء من الوجود الموضوعي على الإطلاق، ولكن أين يذهب هذا الشيء ؟ يوجد أكثر من إجابة لهذا السؤال … الجواب الأول أن الأعدام تذهب إلى زمن سلبي الإحداثيات، يسمى بالواقع السالب، ويعمل بقوة تسمى بالطاقة السالبة، والجواب الثاني أنه ينعتق من ارتهان قيد الزمن.

الثقب الأسود والواقع السالب

 :

ما هو الزمن السالب :

فيزيائياً … الواقع السالب هو الكائنات الموضوعية التي تتخذ قيماً رقمية فيزيائية سالبة بالنسبة إلى الوجود الفيزيائي نفسه، مثلاً التفاحة بالنسبة للصندوق تصبح سالبة لحظة افنراغ مكانها، وتصبح موجبة لحظة تعبئة هذا المكان، وحين تصبح سالبة بالنسبة للصندوق تكون موجبة بالنسبة لكوكب الأرض خارج الصندوق، وحين تنأسر في الصندوق تصبح سالبة بالنسبة لكوكب الأرض، والقيمة صفر تعني ببساة أنها ليست لا في كوكب الأرض ولا في داخل الصندوق، وإنما خرجت عن نظام الإحداثيات التناقضي السابق.

أما القيمة "سالب زمني" للتفاحة، فهي تعني موقع التفاحة بالنسبة إلى "نقيض الوجود الواقعي" ، وهذا النقيض هو انعدام واقعية الواقع الموضوعي وكائناته، وهو ما يمكن تسميته ب"عالم الظلال" حيث الظل ليس إلا نفس الشيء دون وجوده الواقعي، وهذه النفس تتجسد بقيم موجبة وسالبة بالنسبة للوجود الواقعي نفسه، فسلبية هذه القيمة ( تفاحة سلبية بالنسبة للوجود الواقعي ) تعني أن هذا الوجود قد انمحى منه جزء من واقعيته ودخل هذا الجزء في حيز الزمن الوهمي واقتيد إلى منطقة لا وجود لشيء فيها سواه، أما قيمة التفاحة الوجبة زمنياً تعني أنها موجودة في واقع حقيقي …

والواقع الحقيقي يختلف عن الواقع الوهمي بعنصرين ، الأول أن الواقع الحقيقي وإن كان مادياً ، إلا أنه تجسيد لعوالم الروح والعقل المُطلق النورانية، وبالتالي تستمد قواها من تلك العوالم النيّرة، الثاني أن الواقع الحقيقي تتفاعل فيه الأرواح التي تنأسر في الأجساد، لكن لا تتفاعل الأرواح في الواقع الوهمي، لأنه أصلاً قائم على التفاعلات الوهمية، فليس فيه إلا Shadow للأشياء، وأصلاً يأذ طاقته وتحققه من ذلك فقط.

أي أن المادة بذاتها ليست وهماً ولا حقيقة إلا بقدر ما تتوافق معها الأرواح ويتحد بها النور …

والواقع السالب ، هو واقع ليس فيه أية قيود من أي نوع، لكنه لا يزال محلياً وموضوعياً مادياً، الطاقة السالبة هي أيضاً طاقة منعتقة من ارتهان القوانين الفيزيائية، ولكن المشكلة أن انعتاقها هذا ليس بالمجان، فهي فعلياً لا وجود حقيقي لها، إنها تفعل فعلها في العدم المطلق، ولا تؤثر بأي شيء على الوجود، لأن قوانين العالَم الفيزيائية التي تقيد حركتك ، لها أسباب أدت إليها، وهي العلل العالية للموجودات.

هذا النظام الدقيق الذي تشاهده وظيفته أن يفصل بين الواقع والحقيقة ، وبين الوهم والسراب، والقيد إنما جُعل لأجل أن لا يختلط الباطل بالحقيقة فيتوه الناس بينهما ، فتعلم مثلاً أن تفاحة تطير في الهواء بلا سبب (روحي ولا مادي) هي نوع من السراب لا وجود له إلا في راصدتك، أثّر عليك شخص ما أو شيء ما وزرع ذلك الوهم في مخيلتك ولكنه ليس بموجود، وهنا يعمل السحرة باستمرار على استحضار قوى الظلام والوهم لكي "يَسحروا" أعين الناس بكفرهم ويسيطروا عليهم وأغلبهم لا يعلمون ما الجريمة البشعة بحق الوجود التي يرتكبونها، وإلا فإن الله لا يريد أن يقيد حركتك بل يريد لك الحرية المُطلقة.

فهم عبدة الظلام وشياطين المسيطرين على الشعوب، ليس فقط يستدعون كائنات الظلام، إنهم أيضاً يغيرون مجرى التاريخ ويدخلونه تحت عقارب الشيطان.

الثقب الأسود الخاص بعوالم الظلام هو بوابة للجحيم، وهناك لا يوجد قوانين ولا موجودات فيزيائية لها وجود مستقل، هناك يوجد فيزياء وهمية هيولية يمكنها التشكل بأي صورة كانت ومحاكاة كافة رغباتك الطموحة.

تعلم من خلال الكينياء، أن الواقع يتكوّن عبر تفاعل ثلاثة مبادئ كبرى … هي الذات والبون والوجود.

أنت الذات، أمامك الوجود، بينك وبينه مرايا التفاعلات الزمنية، ما يحدد الشيء الذي سيتم عرضه على المرايا هو ما تقرره أنت من جهة، وما تستحقه وجودياً من جهة أخرى، ولا مجال لك كذات أن تخترق هذا الحجاب هكذا من تلقاء نفسك، وبما أن "وعيك مقيد بنفسك" ونفسك تؤمن بالمادة إلى حد ما، فسوف تنخلق زمنيتك في عوالم مادية ترابية، الجن لا يعتقدون بحاكمية المادة عليهم ولذلك ينوجدون في عوالم عليا، ولكنها تبقى موضوعية مفارقة للذات، إنها تشبه واقعك لكن بشكل تجريدي، القوة هناك أكبر بكثير منها هنا ، ورغم ذلك قوة الذات لا حدود لها ولذلك لا يستطيع الجني أن يؤثر على عالمك أو زمنك ما لم تعتقد بقدرته على إحداث هذا التأثير.

أنت كذات تشتبك مع أزمنة الذوات الأخرى لأنك تؤمن بوجود حياة فيهم ومعهم، ومن خلال تفاعل الأزمنة ينشأ العالَم الذي أمامك حيث السلطات الزمنية تبادلية واقتصادية وميزانية.

لذلك الفيزياء تتشكل بعلل مجردة وعالية ، ومنها ذاتك قوة الحياة للكون، ومنها النفس وهي قوة النوم، وأنت بينهما تعيش … يتكون واقعك المادي المحلي وفقاً لإعدادات عقلك، لذلك عندما تريد فهم العوالم المظلمة والسالبة عليك أن تقوم بتجريد معطيات الفيزياء وتحريرها وفق قواعد علوم تتعلق بالمجردات والأنظمة العليا للوجود.

حتى أن التعديلات الوراثية تحدث بصفة أساسية على عقلك وليس على وعيك أو على جسدك، وفقط حين تؤمن بحاكمية الجسد عليك، يمكن تعديلك وراثياً من خلاله ومن خلال أسباب مادية كاللقاح والكورونا.

لذلك لا تبحث عن "علل الفيزياء وجوهر الوجود الفيزيائي، السالب والموجب" في تبريرات الفيزياء نفسها، الفيزياء لا تشرح لك حقيقة الوجود الموضوعي السالب، إنها تشرح لك ما يحدث فعلياً فيه فتخبرك بأنه حر في التكوّن كالهيولى، لكن ليس أكثر من ذلك بكثير …

وهكذا الثقب الأسود مثلاً، ليس فقط كياناً فيزيائياً ينشأ هكذا دون سبب معين وغاية ما، وجد عن طريق الفوضى والعبثية، لا بل له سبب وجيه جداً، يتعلق بهيكليته الداخلية والباطنية بالنسبة للوجود الأكبر، إنه قد يكون بوابة للعبور، بوابة للجنة، أو بوابة للجحيم، أو حتى لزمن آخر ضمن نفس النظام، لأنه حين يمتص النور والضياء، وستسألني كيف يمتص الضياء، فإنه لا يقوم بإعدامه، بل بأسره أو بتحريره، إنه إما سيفك وثاقه أو سيتغذى عليه، وذلك النوع من الضياء بطريقة ما ، محتجز ضمن عوالم المادة، تماماً مثلك ولذلك لا يمكنه التصرف ككيان مُطلق عنها، بينما الثقب الأسود ليس محتجزاً ضمن عوالم المادة، فهو محض عدم إما مطلق للنور أو مطلق للظلام، لذلك يتصرف وكأنه "متحرر تماماً في تفاعله".

والواقع السالب هو ما وراء الثقب الاسود، وراء البوابة، يوجد جنة النعيم ويوجد الظلام المقيم … يوجد نور لا تحده الأزمان، ويوجد هيولى ومحاكاة لا تنتهي تهدف لأسرك من جهة ولتضليلك بالغرائز المتفجرة ومشتتات الانتباه التي لا تنتهي من جهة أخرى.

الواقع السالب ، وطاقته السالبة ، هو عبارة عن :

1. مكان يتم فيه تحطيم كافة قوانين الفيزياء وثبوتية الواقع.

2. مع الإبقاء على مفارقة الوجود الموضوعي للذات المُدرِكة له.

فيبقى الغياب ولكنه غياب محرر … وأنت تصبح أسيراً فيه إذا لم تتمكن من الانعتاق …

أي أنك فعلياً دخلت في عوالم الوهم والغياب ، والأشياء التي تحدث عبرها ليس فقط مادية، لا بل أيضاً ليس لها أي وجود إلا مظهرها … أنت الوحيد الذي ترصدها هناك، وهي أيضاً مجرد أشباح ظلامية لا نهاية لها … مجرد ظلال … محاكاة ليس فيها أي قيمة أو روح ويمكن اعتبارها عُمق الشواش من حيث مبدأ التكوين.

ماذا يحدث في الجحيم بالضبط ؟

هناك ترى الأشياء تتشكل بالطريقة التي تعجبك، تتخيل تفاحة جميلة فتأكلها وتتخيل حديقة مفعمة بالحيوية فتراها وتتخيل ما تريد ويحصل ما تريد، لكن الشرط الوحيد لهذه اللعنة هو البقاء … يجب أن تبقى روحك رهينة لهذا المكان، وهذا المكان مشكلته أنه لا يعي شيئاً وكل ما يفعله هو محض سلب الطاقة والوعي منك مقابل تقديم ما تطلبه منه، ولأنه ليس واعياً فسوف يقدم الأشياء دون تحقيق وتعقل وموازنة.

ولأنك لست واعياً أيضاً بقدر معين، فلقد سيطر عقلك اللاشعوري عليك، وهذا العقل هو منفذك الوحيد لعوالم الظلام، فإن ما سيتم طلبه من ذاك العالَم سيقوم العقل بنقل اقتراحاتك إليه … وعقلك ليس تحت سلطتك تماماً، كما أن رغبتك الحيوية باقية بقاء نواة الحياة فيك، طالما لديك وعي يدرك الأمور، فإنك سترغب بالتحرر من القيود… رغبة بالحياة نفسها وبأن لا يكون لك رغبة بالأوهام.

فتقع أحياناً كثيرة في التضاد مع عقلك، وهنا يبدأ الجحيم بكشف عذابه شيئاً فشيئاً وبإبراز أنيابه لك، يبدأ بمحاولة الاستحواذ عليك عبر ثقوب معتقدات عقلك، فهو مجرد ضباب آلي موجه فقط لأجل أن يستمر، وهو كائن طفيلي لا يستمر إلا بدعم من وعي يراقبه، لذلك يجب أن تبقى فيه حبيساً، وكيف تبقى حبيساً في عالم تعرف أنه الوهم ، وتعرف أن وراءه الحياة ؟

عليه أن يخدعك، هو غير واعي ولكنه ذكي، مزود ببرامج وجودية مصممة جداً للبقاء، وأنت حياة والحياة لا تحب الوهم ولا تنتمي له، لكنك مأسور بعقل والعقل دون إدراك يبقى في حالة سبات، اللاشعور … النفس المدسّاة والتي تمتلئ بالظلام، معتقداتك النفسية التي تغيب وعيك، تلك التي لا نهاية لها وسراديب اللاوعي كلها ستشكل عقبات ومنافذ لسيطرة عالم الوهم عليك.

{( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ
 )}

المهم أن يجعلك تصدق في النهاية أنك بلا حول ولا قوة وتخضع للأمر الواقع، لأنك إن لم تتفاعل معه فسيحاربك لكسب طاقة التفاعل ، وإن تفاعلت معه فرغبة الحياة منك ستأخذ قصاصها، وهكذا ستضجر وتمل، خاصة إذا أدركت أنه وهم وتذكرت الحقيقة ، وحينها فسوف تقرر عدم التفاعل، لذلك سيحاول الجحيم تشتيت ذهنك بأي وسيلة كانت مسلطاً عليك كل الظلال التي تعتبئ بعقلك الباطن، مخرجاً إياها على هيئة مادية تتفاعل معها ولكنه كالرووت دون حياة.

تذكر أنه يتغذى على المشاعر، لذلك عندما لا تعطيه الجرعة المناسبة يقوم باستحثاثك، فكيف يفعلها ؟ سيدخلك في محاكاة زمنية لأكثر شيء ترغبه، إذا حصل على الجرعة يستمر في عرضه حتى إذا زالت بهجتك لسبب ما انقلب الوهم عليك وجعلك تخسر ذلك المصدر لسعادك بأبشع طريقة ممكن مما يجعلك تعاني، معاناتك هذه تسبب تغذيته بمشاعر الاكتراث، واكتراثك المستمر به هو الشيء الوحيد الذي يبقيه حياً، حلمه النهائي أن يجعل وعيك يستمر في اكتراث نحوه إلى اللانهاية بشكل يأسرك فيه تماماً دون أن تقوى بعدها على أي حراك، طبعاً، أتحدث الآن عن الروح وهي جوهر علة انوجاد الزمن أصلاً بطبيعته النورية والظلامية، ولكن زمن النور لا يحتاج إلى الظلام ليعيش، فهو نور بذاته وإنما يقدم لك نفسه كمحبة وتجاذب حقيقي، وليس كتلبية حاجة وعلاقة مزيفة.

زمن الظلام لا يمكنه أصلاً البقاء إلا حين يدمجك في قيوده، ربما هذا يفهّمك سبب وجود السادية والأشياء التي تراها في الانترنت المظلم، إن السادي مستحوذ عليه بقوى الظلام، ليس يمكنه الانعتاق منها إلا بشق شق الأنفس، وهذه القوى المخيمة في عقله تحتاج لمراقبة تحييها وتعطيها بعض المياه المقدسة لتجعلها قابلة للتحقق الزمني، وكيف ستفعل ذلك ؟ إنها تحتاج للفتة انتباه مقيدة جداً للإنسان المحدود، مثل تعذيبه دون سبب، أو مثل جعله يتألم حتى ييأس لاستحواذ الظلام عليه، يجب أن تستمر السادية في الانتشار حتى يستطيع المراقب أن يطلع عليها ثم تأسره في غياهبها … الإنسان السادي يوجد في نفسه بقعة داكنة لا يتخلص منها، وهذه البقعة تدفعه لتغذيتها بنور أبيض، لن يجده إلا في صفوة الدموع وطهارة الدماء …

إذن … نقول إن الثقب الاسود هو بوابة متعددة الأبعاد تربط بين عوالم متنوعة، ولكن ما يحدد عبورك فيه ليس طبيعة الثقب الاسود نفسه، وإنما طبيعة "نفسك وتفاعلاتها" التي تشكل مفتاح كل الأبواب.

النفس التي تؤمن أن الفيزياء كفيلة وحدها من دون الله أن تحررها إلى زمن آخر، لم تتعلم الدرس الحقيقي بعد وسيتم ارتهانها عبر الزمن … إلى حين تأهلها من جديد.

{( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (*) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَّمْدُودًا (*) وَبَنِينَ شُهُودًا (*) وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا (*) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (*) كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (*) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (*) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (*) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (*) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (*) ثُمَّ نَظَرَ (*) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (*) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (*) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (*) إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (*) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (*) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (*) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (*) لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ (*) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ … (*) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ )}

{( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )}

الهوامش

إرسال تعليق

0 تعليقات