Advertisement

Main Ad

{ قل هو الله أحد } سورة الإخلاص

 

قل هو الله أحد

    هذا التأويل لسورة الإخلاص من علوم التوراة المقدسة … رغبت أن أرفقه لكمم لتعلموا أن الكون حكمة الله في الفعل ، وأن تأويل كتب الله لا يكون روائياً ولا تاريخياً بل مصدره الوحيد هو التكوين ، تكوين الحرف ، وتكوين المعنى ، والتفاعل بينهما … ولتعلموا كم من الفساد انتشر في كتب تسيء لآيات الله قدسها المتدينون أكثر من تقديسهم لآيات الله … فلا تشتروا بآيات الله ثمنا قليلاً ولا تقولوا على الله إلا ما تعلمون.

الابتداء بالأمر دون اشتراط ظرف محدد، يعني أن الأمر سارٍ على جميع الأحوال.

قُل : أحضر القوة والقيمة للعلاقة الزمنية ، فتغدو العلاقة ضمن الزمن الغيابي حضوراً ، يكشف النور والوعي والحياة في اللائمات الزمنية ( العلاقات والقيود ). هذا التعريف هو أصل القول ومثاله ، المثل الأعلى للأقوال عبر العالمين ، قبل أن تتشخص بأصوات فيزيائية معينة ورموز ورسوم وسطور وكلمات محددة.. وقبل أن تكون أقوال العقل التي تفصل بين الحضور والغياب، والتي تبين حقيقة الشيء الموضوعية في إدراكه الحاضر ، فإنها أقوال الروح التي تقول الأشياء فتجسدها على الأرض وتحررها عبر الفضاء ... فكان الأمر (قُل) هو مشكاة الزمن بسائر الأحوال.

هُو : أيضاً إخبار عن "هو" دون شرط في السؤال أو الظرف أو مقام الكلمة ، فكل شيء غائب عنك "هو" وهذه حقيقته النهائية الداخلية الجوهرية ، وعلة وجود الغياب والزمن الغيابي ، إنها "هو"... الهاء هي واحدية الحضور والغياب ، وتعني موحد الزمن الحاضر والغائب بيده ، والواو هي التفاعل الزمني ، هو الذي يعود إلى قدرة حضرته تفاعل توحيد الزمن.

الله : الذي يؤلف اللامات الثلاث ، لام الحضور الأولى وهي نور العالم (التجلي) ، لام الحضور الثانية وهي الظهور عبر الوجود في الزمن بعلاقات الغياب مما يجعل الزمن يتفاعل بين الغياب والحضور وينشئ الصيرورة ، ولام الحضور الثالثة وهي الحضرة العليا الكلانية وتمام النور في عمق الظلام ، والألف بعدها هي ألفة الزمن وفداؤه وانتقال نفسه ووجوده ، إلى "الهاء :هو" الذي بيده مفاتيح الزمن ، وبيده تتوحد وتنوجد العالمين.

أحد : مؤلف الحد لكل شيء كان وسيكون ، جاعل الأشياء ذات معنىً بما امتلكته من حدود ، فتكون الأشياء أنواعاً في مصفوفات ، والمصفوفات أنواعاً للحدود ، ولكل حد نوعي كثرة من المصاديق والتحققات عبر الزمن ، كل مصداق للحد النوعي هو حد شخصي يحد مطلقية النوع بقيود وحدود شخصية ، وهكذا تنشأ العالمين الغيابية المفارقة للحضرة والإدراك.

فالله أحد ، وحده يقدر على توحيد غياب الظهور بحضور التجلي ، وتغيير الحدود لسائر الأشياء والأنواع والأفراد والكائنات عبر العالمين ... فإذا ما كان من أحد فلا جوهر لما تدركه ، فإن الله هو أحد الزمن والوجود ، بيده تتوحد الأزمان والعالمين ، آخذة بذلك جوهرها الحيوي ، وتجليها الجمالي الجليل ، ومظهرها الغيابي الظلامي ، والنور الكلاني الذي تحيا في الرحاب ، وترغب إلى التمام ... كل ذلك لأن جوهرها أحد وهو الله.

الله الصمد

 



الله : سيد الزمن الأعلى ومن له الأسماء الحسنى التي يتجلى الزمن كانبعاث لها ، ومالك الوجود ... الواحد في الغياب والحضور ، ومنه يتجلى ويظهر كل شيء وإليه يعود.

الصمد :

إن حرف الصاد من أصعب الحروف تأويلاً وإدراكاً ، لأن أكثر مستوىً للوجود المتجلي سرية وبطوناً هو مستوى الصاد ، والصيد ، والصمْد ، والصف. إن المصفوفة هي النظام الذي يتيح للتجلي أن يتخذ أنماطاً معينة ، وهي الحكمة التي يبنى عليها الكون

الصاد هي الفعل الأول للعلّة الجوهرية ، والانبعاث الأول للجوهر الوجودي على هيئة زمن ، فكل ما تراه جسداً فقد كان مصفوفة قبل ذلك ، وبحسب هذه المصفوفة يتشكل الجسد ، وقوانين المصفوفة وقواعدها لا تنتمي إلى نتائجها وأجسادها ، بل إلى الوجود السري وراء ذلك الظهور والتجلي ... ككل مجموعة تكون أشمل من أي جزءٍ فيها ، وتكون الدالة التي بنيت عليها تنتمي لمجموعة أشمل من المجموعة نفسها ، وهي مجموعة تختلف نوعياً عن المجموعة الجزئية ، فدالة مجموعة الأعداد الطبيعية هي مجرد قيد ضمن مجموعة الأعداد الحقيقية قيدٌ على دالة تلك المجموعة الشاملة لها ، يعزل جزءً من عناصرها عزلاً نوعياً ، ولكن النوع العام وهو "كائن رياضي" يبقى هو نفس السائد في كل المجموعات العددية.

إلا أن مجموعة الأعداد الكلية الشاملة لكل نمط ممكن من الأعداد ومعادلاتها ، ينتمي لمصفوفة ، تخرج عن عالم الأعداد ، وتدخل في عالم الكائنات التجريدية الرياضية ، التي تشمل الأعداد والأشكال والمتغيرات وكل ما له علاقة بالرياضيات ، ولكن قيد "العددية" على الكائن التجريدي هو ما ينتج مجموعة الأعداد كما أن قيد "الشكلية" أو الكم المتصل هو ما يجعل الكائن التجريدي هندسياً ، وباتحاد القيدين تنشأ النسبية الهندسية التي تسمح بالتعبير عن الأشكال الهندسية بقيم عددية وبالعكس.

إن هذه القيود هي "دوال" والدالة هي قانون التجسيد الذي يجسد العلة في هيئة معينة ضمن مصفوفتها.

وكل مجموعة أو مصفوفة في زمن الغياب تحتاج إلى علة جوهرية تعطيها قيمتها ، لأنها غائبة عن الوجود الذاتي المدرَك إدراكاً مباشراً ، وبالتالي ستحتاج إلى إسناد نحو ذلك الوجود (زمن الحضور) بوساطة دالة معينة ... فزمن الحضور هو العلة الجوهرية لأي كائن زمني ، بينما الكائن الزمني نفسه هو تجلي أو ظهور لحقيقته ما وراء زمن الغياب ، فهو موجود بحقيقته في زمن الحضور والوجود ذاتي المستوى ، وبنفس الوقت ، موجود بانعكاسه ضمن زمن الغياب ، وهذا الانعكاس يحتاجُ إلى مصفوفة تقوم بتحويل قيمه المُطلقة إلى قيم نسبية ظاهرية ، وذلك بتقييد هذه القيم المُطلقة بالوجود ضمن مُستويات الواقع المتدرجة ...





أدنى مستوىً للواقع هو العالم المادي بصورته الظلامية ، وأعلى مستوىً للواقع بعد الجوهر هو عالم النور المُطلق وهو الذي يمكن التعبير عنه بالعقل القيمي الذي يحكمه الوجدان ، وهذا العقل هو المصفوفة الأشمل لكل المصفوفات عبر الوجود الذي نعرفه ، ابتداءً من المجردات والمعقولات ، مروراً بالتخيلات ووصولاً إلى المتجسدات مادياً ومحلياً. وكل مستوىً منها يكوّن مصفوفات لانهاية لها ، تتجلى منها العالمون والأكوان.

الصمد : الذي ينشئ المصفوفات عبر المد الزمني ، فهو سيد المصفوفات جميعها وربّها الأعلى الذي يكون فعله وأمره علة وجودها... ولكي تفهم كلامنا بطرية أوضح ، تأمل في الصدى ... ما هو الصدى :

إنه صوت متكرر ؟ لا بل هو طاقة صوتية تعبر نطاقاً معيناً ، وهذا النطاق الفضائي يتسبب في انكسار الصوت وانعكاسه ( يصمم للطاقة العابرة خطوط سيرها وتجليات هذه الخطوط التفاعلية التي يمكن للطاقة أن تشغلها ) فينقسم الصوت إلى عدة طبقات ، وكل طبقة تُعبر عن دالة جزئية في مجموعة دوال الصدى ، وهي دوال تنتمي إلى القواعد التي تحكُم أفق الحدث ضمن الفضاء الذي عبره الصوت أو عبرته الطاقة.

بعبارة أوضح وأشمل .. فالكون كُلّه هو صدى ، إنه مخلوق من خلال قاعدة من الدوال التوجيهية التي تقوم بتنظيم الطاقة العابرة ضمن مجال الفضاء في مصفوفات ، وهذه القاعدة ، ليست من ضمن الكون نفسه ( لأنها غائبة فلا تمتلك تبرير نفسها ) ، هذه القاعدة تنتمي إلى ما وراء الكون ... ووراء الأعداد والأرقام والكائنات المادية ، ووراء المصفوفات الفرعية بكل ما حوته من قوانين ومعادلات ودوال ، وقواعد حسابية ، إن المصفوفة الكُبرى تقع وراء التأويل ، بل وراء جميع الأنواع ( أنواع المصفوفات الزمنية ).

كل منظومة أو مجموعة هي جزء من منظومة أو مجموعة اشمل وأعلى ، بحيث تكون المجموعة الأولى ليست فقط أصغر كمياً ، وإنما هي مصداق نوعي واحد في تلك المجموعة ، إنها بالأحرى عنصر وحيد ، من حيث النوع ، ويأخذ نوعه بتعريف مصفوفته استناداً إلى المصفوفة الأعلى فالأعلى ... فالحمض النووي الوراثي وصناعات الطاقة الخلوية كلاهما نوعين في مجموعة تسمى بالخلايا البيولوجية البشرية ، وهي مصفوفة فرعية من مصفوفات البيئة ، والبيئة مصفوفة مبنية على مصفوفة الكيمياء ، فالحمض النووي عنصر نوعي واحد من سائر الأنواع العنصرية للخلية ، والخلية عنصر نوعي ضمن مصفوفة البيئة ، والبيئة عنصر نوعي ضمن مصفوفة الكيمياء ، والكيمياء عنصر نوعي للفيزياء ، لأن الفيزياء ليست فقط كيمياءً ، هي أيضاً قوى وقوانين تحكم عمل الطاقة ضمن الفضاء ، وتحكم البنى التحتية للعناصر الكيميائية ، ورغم أن سائر المجموعات الطبيعية تعود إلى أصول فيزيائية في النهاية، إلا أن الفيزياء نفسها هي أيضاً مجموعة غير مُطلقة ، لأنها منقوصة ، إنها تحكي عن الآثار وليس عن العلل ، وعن المظاهر وليس عن الجواهر ، عن الإجراءات وليس عن حقيقة الكائنات.

فهي مجموعة تنتهي إلى علة أقوى منها ، ومصفوفة الفيزياء بكافة قواعدها ودوالها وعناصرها ومجالات الوجود الممكنة ضمنها ، سواءً ما هو معلوم أو ما هو مجهول ، كل هذا يشكل نوعاً وحيداً ( حدّاً ) في مجموعة أعلى واشمل بكثير ، ذلك واضح حتى قبل أن تعلم ما هي تلك المجموعة وما هي خصائصها ، لأن الفيزياء غائبة عن الإدراك ، أي أنها معرفة بمجموعة الآثار والظواهر فقط ولحظة الرصد فقط ، ولذلك لا كُنه للفيزياء ولا معنى حقيقي لها إلا ضمن منظومة أكبر تعطيها صفات نوعية ، وتلك المنظومة أقرب للإدراك المباشر من الفيزياء ، ولذلك تكون محجوبة عن رصد المراقبين الذين يستخدمون وسائل مراقبة فيزيائية ومحلية ، هذا يعني أن الموضوعية بشكلها المعروف ليست الخيار الصحيح لدراستها.

وكل منظومة كذلك غير مكتملة بذاتها بسبب القيود المنطقية التي تمنعها من أن تكون مُطلقاً إلا إذا كانت ذاتية الإدراك ، فتدركها الذات الواعية من دون وساطة ، سواءً كانت هذه الوساطة أجهزة رصد أو معادلات رقمية أو مفاهيم عقلية ... فإذا وصلت لتلك الحالة الإدراكية فقد وصلت إلى المنظومة الكلانية المتحدة بالذات الواعية ، والتي عبرها تأتي كل المنظومات والمصفوفات الأخرى ، الجزئية والمقيدة بقيود تمنع وجودها المطلق وتمنع الوحدة في الإدراك ... إن المنظومة الكلانية ، أو المصفوفة الكلانية ... هي السر الأعظم الذي لا تدركه المعادلات ، ولا التجارب ، ولا الأفكار ... إنها مُجردة عن كل ذلك ، كثيراً ما تسمى عدماً والحقيقة أنها انعدام الوهم فقط ، انعدام القيود والسلاسل الزمنية التي تغيّب الكينونة عن وحدة الوجود.

فتلك المصفوفة يحفظها الحي القيوم ، وهو الله الصَمَدْ ... وهي التجلي والانبعاث الأول من نوره العظيم.

يجب أن تعلم أن أفعال الله تأتي من المصفوفة الأولى لهذا الوجود ، فتلك الأفعال هي العلة الجوهرية لكل حدث ممكن على نطاق الوجود ، ما يبدو لك أنه رمية نرد عابثة ، هي رمية قام بها الله مباشرة ومن غير وسيط بالنسبة له ، وبغض النظر عن الشخص الذي رمى النرد ، لأن هذا الشخص قد استخدم قوى الأسماء الإلهية في عمليته هذه ، فقرار الرمي ، وطاقة الرمي ، وإدراك الرمي ، وإدراك البيئة النردية ، هي القوى الأولية التي تتلقاها الذات من ما وراء الوجود لتحقق فعلاً زمنياً عبر الوجود.

وكذلك الوجود نفسه ، البيئة نفسها ، النرد نفسه ، فضاء الاحتمالات الممكن ، الأسباب الفيزيائية التي أدت لحركة النرد ، والأسباب الأقدر من الفيزياء المعروفة ، تلك التي تقع في المستوى الكمومي وما وراءه ، جميعها طاقات لها معاني ، جميعها لها أسباب وعلل تنتهي إلى العلة الأولى للوجود ، وهي تبدو في تسلسل من تلك العلة إلى الحدث الذي تم رصده ، لأن الإنسان يتتبعها بالعقل والاستدلال المنطقي ، فيصل في النهاية إلى البرهان على تلك العلة ، ولكنه لو توقف عن الرصد الخارجي ودخل في أعماق الزمن فسيجده يحدث مباشرة بالقوى الإلهية ، وكافة الأسباب ما هي إلا تجليات هذه القوى وظهورها بالنسبة للراصد الذي يدرك صورتها الجزئية فقط.

وكذلك يجب أن تعلم ، تلك الحقيقة الجلالية ، أن المصفوفة الأولى التي تنوجد العالمين والأكوان عنها ليس بالضرورة أن تكون المصفوفة الوحيدة التي تجلت عن حضرة نور الله البديع ، وهنالك مصفوفات أخرى ربما لا سبيل إلى وصفها بلغة تنتمي لهذه المصفوفة ... عندما تحدق في سماء النجوم وأنت لوحدك في الليل ، دون حكم أو تفسير مسبق ، ثم تتخيل ماذا في الأفق بعد تلك السماء ، فإن إحساسك باللاحدود للتجليات الإلهية الوجودية وغير الوجودية ، لهو أقوى الأدلة والبراهين على ذلك ... لأنك تدرك الجلال الإلهي في تلك اللحظة بخبرة ذاتية وبعيداً عن الأفكار والأوهام.

فإن المصفوفة الأولى التي تنبعث منها العالمين والأزمان التي لا ترابط بينها إلا ذلك الحضور ، هي دائرة الأسماء الحسنى التي نعرفها بخبرتنا وبتسمية القرآن الكريم لها ، ووراء هذه الدائرة وفي مركزها هنالك تكمن البوابة ، نحو الأفق الذي له ما لم نختبره على أي نحو حتى ، وما ليس له اسم ، وقد أشار حضرته إلينا بأن اسمه الله الذي له الأفق المتجلي من مصفوفة الأسماء الحسنى ، وله الأفق الذي يقع وراءه ، واسم الله هو صلة الوصل بين الأفقين ، ذلك الاسم ، الذي يعني أن كل ما تتخيله وما لا تتخيله ، وما تدركه وما لا تدركه ، ما هو بكون وما هو ليس بكون ، وما هو بوجود وما ليس بوجود ، جميعاً يعود إلى الله صاحب الاسم الذي تتفرع منه العوالم كلها ، وما هو ليس بعوالم أصلاً ... بيده تتوحد العالمين ، وبيده مفاتيح الزمن.

حكمة الله قد أنشأت هذا العالم بهذه الطريقة ، وذلك لا يعني أنه العالم الوحيد ، ولا حتى مصفوفته هي المصفوفة الوحيدة... وإن كل فعل زمني تعلمه ضمن آفاق الزمن المراقب بوعيك ، هو فعلٌ زمني متوافق مع المصفوفة الكبرى لهذا العالم الأكبر ، ولا يخرج عنها لأنها وسعت كل شيء ، فهي اللاحدود كماً وكيفاً ، وهي حية لا موت يأسرها ولا نوم يغيبها ، والحياة رغم أن تكون الأصل في وجود الموت والقيود ، إلا أنها غير محدودة بهما.


إرسال تعليق

0 تعليقات