مفتاح : الكون ... ما هو ؟
سأطرح عليك ثلاث أسئلة قبل أن تشرع بقراة الإجابة، تفكر فيهم وحاول فهمهم :
- ما هو الكون ؟
- ما هو نسيج الزمكان ؟
- ما معنى توسع (بالأحرى تمدد) الكون ؟
سأدعك أولاً تبحث في معاني هذه الأمور في الفيزياء ، وستجد في النهاية أنك تدور في حلقة مفرغة، لأن الفيزياء تعتمد في شرح المعاني على إحصاء الظواهر ثم استنتاج سيرورة القوانين والعمليات، ولكننا لا نحصي ظواهر اسمها "الكون"، البحوث تحصي "ظواهر ضمن الكون" فقط. الكون هو "المصفوفة الكلانية التي تحتوي على جميع الظواهر التي في داخلها، ولكنها ليست فقط تلك الظواهر، إن تلك العناصر تأخذ تعريفها ووجودها من الكون وليس العكس".
ما هو الكون إذن ؟ تعريفان للكون يمكن أن يجيبانك بطريقة مختلفة تماماً وأنت الذي لديه الخيار :
- الكون هو فضاء شاسع يتكون من عدد ضخم من المجرات والنجوم والكواكب ( ويكيبيديا )
- "أسميه عالَماً Universe ذاك الذي هو كل سلسلة وكل جمع للأشياء، حتى لا يقال قط إن عدة عوالم كان يمكن وجودها في أزمنة مختلفة وأماكن متباينة، لأنه من الواجب عدها كلها عالم واحد، أو كون إذا شئتم" باسكال
للكون تعريفان دائماً اعتماداً على النظرة والرؤية هل هي تركيبية ظاهرية أم تحليلية عميقة : 1. كل ما هو موجود في الزمان والمكان - الرؤية الظاهرية2. الوحدة الجوهرية الجامعة لكافة الكائنات والظواهر وهي الحقيقة الأعلى من الظهور - الرؤية التوحيدية [الإدراكية للعُمق] ( موسوعة لالاند )
في علم الزمن ... يمكن القول إن العالَم هو :
(1) هو "المجموع اللانهائي للظواهر الفيزيائية".
(2) وهو "الجامع الموحد لكافة الظواهر الفيزيائية".
حين نقول إن العالَم، هو مجموعة الظواهر نفسها التي تحس بها وترصدها، سينتج عن ذلك القول نتائج مختلفة تماماً عن نتائج القول الآخر :
ولنقل إن الفرق بين الرؤيتين الإدراكيتين أن أحداهما تنظر لعناصر المصفوفة ونتائجها الخارجية، والرؤية الإدراكية العميقة يحاول الباحث فيها إدراك وفهم حقيقة المصفوفة وجوهرها وقاعدة التنظيم لتلك النتائج الخارجية المرصودة.
أحدهما يرى أن محاولة الفهم هذه تعتمد على إحصاء سلوكيات العناصر الجزئية واستقرائها، والآخر يرى أن النظر إلى ظاهر الكون لن يوصل إلى حقيقته أبداً لأن منتوج الإحصاء نفسه "ليس له تعريف قابل للتحديد الماهوي" وما الذي يشير إليه حقاً فيمكن تأويله دائماً بعدة طرق، وحتى أنه غير مؤكد ولا حقيقي على ذلك النحو المطلق، هذا بغض النظر عن مساحة العينة ومعدل الاستقرار.
وكل ما سيفعله الإحصاء هو زيادة تراكم السجلات والتحليلات والبيانات، ربما إلى اللانهاية. ولذلك ليس الصحيح البدء من وسائل معرفية خاصة بالظواهر والمحسوسات، والأشياء الجزئية والشبحية.
مسار الزمن
لنقل، إن لكل كائن في هذا الوجود، خط تعريف زمني يمكن من خلاله تحديد معنى وجوده ضمن نطاق الكون المادي، وهذا الخط مكوّن من نقاط ، هي تحركاته ضمن إحداثيات الزمكان.
وبما أن الزمكان هو رباعي الإحداثيات (من حيث نوعيتها) أي هي t , x , y , z ( الوقت - الطول - العرض - الارتفاع ) فإن لكل كائن خطاً زمنياً مكوّناً من متتاليات من النقاط رباعية الأبعاد.
ومسار التفاعل الزمني لكينونة محلية ما، أي لجسم مادي، يتسم بثلاثة عناصر لتحديده بدقة :
فيبدأ هذا المسار مثلاً بالنقطة t,x,y,z (1) وينتهي بالنقطة t,x,y,z (10^33) .
سؤالي لك هو ما هي جملة الإسناد المعيارية في البيئة، التي تسمح لك أن تحدد بناءً عليها الإحداثيات الزمكانية لكائن بالنسبة للأبعاد الخاصة بالكون ؟
بالنسبة إلى ماذا تكون النقطة قيمتها 1 وإلى ماذا تكون 10^33 ؟
لنلقي رؤية دقيقة على عناصر الحدث :
- الحدث نفسه (التفاعل)
- الكيان الزمني الممارس للفعل
- البيئة المحيطة التي يحدث التفاعل فيها
- إطار الإسناد النسبي
- محور الإحداثيات
أنت ترصد الحدث x الآن، من منطقتك الزمنية F وهي التي تمدك بمعطيات وإحداثيات إطار الإسناد [الذي تسند عليه تعريفك للحدث- فتقول مثلاً إنه يبدو لهذه النقطة في الأرض أن الشهاب يعبر في الأفق الساعة 8:30 دقيقة مساء]. هذه المنطقة الزمنية تحول الأحداث الواقعة في الأفق كما يبدو لها إلى قيم ذات دلالة معينة، كالطول والعرض والارتفاع والتوقيت، ووجود هذه القيم الأربعة بالذات يعتمد على طبيعة نظام إحداثيات هذا الكون الذي يقع فيه رصدك وإطار الإسناد خاصتك، من حيث تشخصها وقيمها.
فإنك تقارن الحدث الذي ترصده بأحداث أخرى وتبني عليها إطار الرصد خاصتك.
الحدث نفسه لا هو ما ترصده أنت ولا هو ما يرصده غيرك، ولا هو حتى ما تشتركون في رصده، لأن رصدكم مقترن بحواسكم وعقلكم وأجهزتكم وبتأثير الحدث عليها، وهذا التأثير تم نقله على فترة زمنية معينة ولم يحضر بذاته إلى أفق الرصد. رصدكم هو ترجمة تحريفية تقوم بها إحداثياتكم الزمكانية النسبية حين تفاعلها مع تأثيرات.
لذلك لك التالي :
يوجد طريقتين بتحديد إحداثيات كائن محلي ما: إما بالنظر إلى علاقاته ببقية الكائنات وإحداثياته بالنسبة لها، وإما برؤية موقعه الحقيقي خارج هذه العلاقات …
فيكون الحدَثُ مثلاً على النقطة الوقتية : t 10^44 *6.66 بالنسبة لنطاق الأرض الزمني في هذه السنة، وفي موقع مكاني ما عليها، ولكن نطاق الأرض الزمني نفسه سيكون مجرد وهم إذا ما تعاملت معه على أنه مقياس يعرف بحقيقة الحدث، لأن زمن الأرض نسبي، لأن الأرض هي الأخرى لا تمتلك زمناً مطلقاً وتحتاج إلى ما يعرف زمنها، فهي ذات قيمة زمنية لتحركاتها ضمن مجموعة شمسية، أو مجرة فيها تحركات أخرى.
ولو أن الأرض تحركت وحدها وبقيت الأشياء خارجها ثابتة تماماً على نحو مُطلق في كل نطاق الكون، فإن الأرض لن تافظ على علاقاتها مع تلك الكائنات، لأن تلك الكائنات ثابتة بالنسبة لها وهي وحدها تتحرك، فتصير المجرات بالنسبة للأرض غير قابلة للتفاعل والتحريك ولا تغير من الأرض شيئاً أيضاً، وبالتالي تكون البيئة الكونية الكبرى غير قابلة للتآثر مع حركة الأرض الجديدة هذه.
تتحرك الأرض لخارج المجموعة الشمسية، بينما يكون لهذه المجموعة ثبات مُطلَق بالنسبة للأرض، هذا سيجعل ثقالة الأرض أيضاً غير مؤثرة على حركة تلك المجموعة وكأن الأرض لا وجود لها، ولا حقولها المغناطيسية تفعل لها شيئاً، ولا ينبعث من الأرض حتى ضوء ليرصده بقية المراقبين لأن حركتها غير مقيدة بحركة الأشياء في الكون، فلا هي تتأثر بما تقوم به تلك الأشياء ولا هي تؤثر عليها.
وبمعنىً آخر : ستكون الأرض شبحاً بالنسبة إليهم، لأنها غير قابلة للرصد وغير محققة لأي تأثير.
إن التآثر هو أساس الاتصال الفيزيائي بين الكائنات الموضوعية بغض النظر عن طبيعتها، وحين ينقطع حبل التآثر بين كائنين ، يصبح الشيء غير موجود بالنسبة للشيء الذي انقطع الحبل التآثري معه.
فشيء ليس له كتلة لا يمكن أن تجذبه الأشياء التي لها كُتَل، وحركته حرة من تأثير تلك الكائنات وبالتالي فلا يمكن نسبها إلى إحداثيات خاصة بتلك الكائنات ... أي أن الكائن الذي ليس له كتلة تماماً لا يمكن تعريفه بإسناده إلى كائنات أخرى لها كتلة، لأنه لا يتواصل معها بالجاذبية، ولا تؤثر على حركته، وهذا يجعله غير قابل للتقييد بإحداثيات معينة في بيئة تلك الكائنات.
بعبارة واضحة: الإحداثيات المكانية والزمانية هي تعريف للعلاقات بين الكائنات المادية وحركة بعضها بالنسبة إلى البعض الآخر.
كذلك الأمر في كل كيان فيزيائي لا يقوم بالتأثير مباشرة على بقية الكيانات، فإنه يخرج من علاقاته معها على الفور، ويصبح عدماً بالنسبة لها. وطالما أن الكيان يتفاعل معها فهو مأسور في نطاقها الحيوي الفيزيائي ولا مجال له للخروج، إلا بتغيير وجهة التفاعل من العالم الظاهري الفيزيائي والبحث عن عوالم أخرى.
ولنقل إن هناك قياساً مقدّراً لمعيات هذا الكائن وهذا الحدث والوجود :
الحدث الفيزيائي نفسه (التفاعل) هو حدث نسبي ، يأخذ معناه من علاقاته النسبية، وليس له وجود مُطلق، لكن له معنى داخلي يمثل طبيعة تأثيره أو سببه مثل : الجذب - الطرد - التحريك - التثبيت - التجميع - التفكيك ….. ومن فهم هذه الأمور على مستوى الكون المادي بأسره تأتي مفاهيم القوى الكونية العليا الأربعة.
الكيان الزمني الفاعل يقع في إطار كوني نسبي هائل العلاقات، فهو كائن زمني على اتصال بكل شيء في الكون بنفس الوقت.
البيئة المحيطة التي يحدث التفاعل فيها هي الكون نفسه، كل شيء وكل كائن في الكون يؤثر فيه أي حدث يحدث ضمن الكون، إما بطريق مباشر قريب، وإما من أفق بعيد غير ملحوظ ... لا وجود لحدث مستقل تماماً حتى ولو كان تحريك صخرة في جوف كوكب في أقاصي الكون، ربما تحجبه عن الظهور تأثيرات أخرى أقوى منه ، ولكن تاثيره يكون مهملاً ولا يكون معدوم.
إطار الإسناد النسبي الذي ترصد منه الحدث، هو حصيلة التفاعل بين موقعك الزمكاني كراصد وبين موقع الحدث نفسه :
إطار إسناد ضوء القمر بالنسبة لمراقب على المشتري قد يبدو فيه القمر مظلماً بينما أنت تراه منيراً في أرصادك، ولكن التفاعل نفسه بين ضوء القمر وبين أرصادك لا يشبه في تكوينه التفاعل بين ضوء القمر ونطاقات أرصاد أخرى، بينك وبين القمر ، هناك بَون فيزيائي ، هو الذي يحوي خط التفاعل الذي يقع بين صدور الحدث وبداية رصدك له. وهذا البون يتأثّر بعوامل داخلية [ تتعلق بأجهزتك الحيوية والفيزيائية والعقلية ] وبعوامل خارجية تتعلق بخط سير الضوء نفسه.
هذا على فرض ثبات سرعة الضوء، فإن دخول عوامل التحريف بقوة ما تؤثر على انتشار الضوء أمر محتم الوقوع، يوجد مثلاً قوة ثقالة الأرض، تحرّف مسار الضوء قليلاً لأنها تؤثر على حامله الفيزيائي المسمى بالفضاء، والكواكب أيضاً تحرّف مسار الضوء، وشخص في أمريكا لن يكون وصول الضوء إلى أرصاده طبوقاً تمام الطباق مع شخص في دمشق، لأن خطوط التآثر بين الجاذبية وبين الضوء في دمشق تختلف عنها في أمريكا، لأن القمر لا يبعد نفس المسافة عن الاثنين، ولأن الأرض ستتحرك أثناء سقوط ضوء القمر على سطحها.
مسار التحقق الزمني ... ووعاء الزمن
لا أحد يعيش في الوقت، رؤية الأحداث تصنع الزمن، أما وعاء الزمن، أي مجال وجود الأحداث نفسه، غير متغير، المجال قائم منذ بدء الوجود لكافة الأحداث، يدك موجودة الآن وقبل ساعة، عينك موجودة قبل عشرين دقيقة، والمقالة التي تقرؤها الآن موجود منذ شهور أو سنين، أنت تقرؤها الآن ، وكان يمكن أن تقرأها قبل شهور، ويمكن أن تقرأها بعد شهور، وعناصر تكوين المقالة وتكوين جسدك كذلك توجد قبل ملايين السنين وبعد ملايين السنين، لأن الزمن كخط تتابعي للأحداث مختلف عن "الزمن" كوجود لإمكانية وقوع هذا المسار.
الخط الزمني هو تحقيق لمسار تركيب معين للعناصر الزمنية والوجودية، أي يصب فعلياً بالنسبة لك، وهذا الخط يشكل مساراً من آلاف المسارات الممكنة وأنت اخترته من بينها بالذات.
وعاء الزمن أو "الحامل الزمني للمسار" كان موجوداً دائماً ولا يتعلق وجوده بتحقق المسار نفسه … بمعنى من المعاني هو ليس ضمن الزمن، فالكون يسمح ببنائه العميق بوجود أمريكا ووجود سوريا، ,لم تفرض تلك الكيانات نفسها على الكون هي فقط حققت احتمالات ممكنة لهذه المصفوفة.
المواد التي يتركب منها حدث قراءتك لهذه المقالة، موجودة من قبل، والعلاقات الممكنة بينها لتنشأ المقالة وتنشأ جسديتك وقدرتك على قراءتها، أيضاً موجودة سابقاً، فقط رصدك لتحقق الأحداث تم الآن … أما مجال الوقوع، ليس في نفس المسار …
وما عليك إلا تخيل مسار الأحداث المؤدي لتحقق أي حدث، لتكتشف أنه "يمكن" لهذا الحدث أن يحقق وقوعاً في أي زمن عبر الوجود …
وفي أي مكان وحتى الكواكب البعيدة …
الوقت الذي أنت فيه، أنت الوحيد الذي فيه، ربما أنت ومن يتشارك معك نفس المسار الزمني ستحسون بعوامل مشابهة، وفي الحقيقة إنكم معزولون عن بعضكم ، ولكن تتشاركون في علاقات زمنية تفاعلية، وليس في "الزمن" نفسه.
تماماً كمن يلعب لعبة بالتسعينات وفجأة يدب الوعي في أحشاء شخصية فيها وتسأل : ماذا يفعل صانع اللعبة خلال كل هذا الوقت ؟
إن وقت اللعبة هو الوهم … والزمن الحقيقي … هو زمن الله
حيث لا تعاقب بين الأمور ولا أحداث تسبق الأحداث …
هناك كل شيء حاضر لا يدركه الغياب، وكل العوالم متصلة ومتحدة ، ولا سنة ولا نوم ولا فترات … في زمن الحقهناك كل شيء حاضر لا يدركه الغياب، وكل العوالم متصلة ومتحدة ، ولا سنة ولا نوم ولا فترات … في زمن الحق
أي هناك حتماً شيء يسمى : الطول، العرض، الارتفاع، التوقيت، الحركة، التفاعل، الحدث، الكائن المحلي، القوة المؤثرة، العطالة النسبية .... معاً تشكل هذه القيم التجريدية وغيرها قاعدة مصفوفة الكون الأولية، ومن خلالها فقط تحدث التفاعلات.حسناً ... بالنسبة لكائن محلي له إحداثيات زمكانية نسبية، يسير في خط معين من الإحداثيات، فإن كل نقطة [حدث] على هذا الخط نسبية التعريف، أي أنها تعتمد في تعريفها وفهمها وإعطاءها القيم على العلاقات مع الكائنات الأخرى على نفس الخط ، ومع خطوطها ونقاطها الخاصة لتأخذ هذه النقطة x قيمتها الفيزيائية في تلك اللحظة بالذات. فالبنسبة لكائن يسير في نطاق الزمن الأرضي وقد تم تعيينه في النقطة الافتراضية x على خط الزمن بالنسبة لمعايير الأرض، فإن تعريف الحدث x يكون بتحديد هذه العلاقات :- إن x هي حركة تفاعلية زمنية
- صدرت من الكائن المحلي A ضمن شبكة علاقاته الافتراضية مع البيئة المحيطة
- وقعت هذه الحركة في البيئة الزمنية المحيطة Z وقامت بتأثير ملحوظ على كائناتها
بالنسبة لنطاق الأرصاد Y وهو نطاقك الخاص، تم التفاعل مع الحدث x من خلال علاقة تصل بينك أنت Y وبين الكائن المحلي A وتمر بالبيئة المحلية Z حتماً.
أي أن الحدث x بالنسبة لك، ما هو إلا حصيلة التفاعلات بين x , Y , A , Z [موقع الحدث في الزمكان - موقعك الزمكاني - موقع الكائن الذي تسبب بالحدث - زمكان البيئة التي عبر منها الحدث إليك ] وكل واحدة من هذه الكينونات لها شبكة علاقاتها الخاصة وتفرّدها المحلي المختلف.
وفي النهاية يكون الحدث كما ترصده أنت فقط ( x —-} Y ) هو شيء مختلف تماماً وجذرياً عن x بذاتها كما صدرت، أو عن x تحت تعريف راصد افتراضي آخر، لأنها قد مرت بقولبة جديدة مكّنتها من تحقيق التأثير عليك ومكنتك من إسنادها إلى إطارك الخاص في نهاية المطاف، وانتهى بها الأمر إلى اتخاذ قالب معين متناسب مع أرصادك أنت.
الشيء الوحيد المُطلق بالنسبة ل x ، هو أنها تقع في كون محلي، كل كائنة فيه منفصلة تماماً عن الأخرى، وبنفس الوقت تأخذ تعريفها من مجموعة علاقاتها مع بقية المحليات، أي أن انفصالها عن الكائنات الأخرى يجعل هذا التعريف النسبي ممكناً لأنهم جميعاً مقيدون بعلاقاتهم بكينوناتهم المنفصلة كل منها على حده.
ولذلك X [الحدث في الزمكان المحلي] يختلف تعريفها بين راصد وآخر، ويختلف تأثيرها من نطاق إلى آخر، مع أنها حافظت على ثباتها في نقطة محلية واحدة، إلا أن هذه النقطة تتبدى للراصدين على نحو مختلف، وتؤثر على الكائنات بشكل مختلف في كل مرة، والنتيجة هي أن "الزمن" الخاص ب إكس بحد ذاتها سيكون حصيلة التفاعل بينها وبين راصد معين، وبالتالي يكون مختلفاً من راصد إلى آخر.
فإكس بحد ذاتها كنقطة زمكانية لا يمكن الحديث عنها، إذ لا وجود مستقل لإكس، لا وجود لشيء جوهري اسمه x ولكنه يأخذ تعريفه من نسبته إلى أشياء أخرى.
الصخرة تأخذ تعريفها من الكوكب والكوكب من الفضاء، ولولا الفضاء لما كان للكوكب تعريف ولما كان هناك فراغ ومحتوى ولما أمكن للصخرة أن تُعرّف ...
وعند تعميم هذا على الزمن بأسره، يكون الزمن المحلي بأسره مختلفاً من راصد لآخر أو بالأحرى هو بحقيقته محض التفاعلات.
ولأن التفاعل بين الراصد وبين إكس متعلق بمقاليد كل من الواقع المحلي للراصد والواقع المحلي لإكس والواقع الذي يصل بينهما، يكون الرصد والتفاعل والزمن هو شيئاً ذاتياً بامتياز في تشخصه وراصديته.
الإدراك الوجودي والتعريف الموضوعي للحدث"لن تدخل الجنة الحقيقية وأنت غائب عن التفاعل معها … مفتاح أي باب هو حصيلة تفاعلك الذاتي مع الوجود ما وراءه".
"إن عبور الزمن فعل تمارسه باستمرار، إن الزمن نفسه هو عبور … ولكنك تمارسه بشكل لاواعي ومطواع لقوانين الكون المحلي، والأكثر من ذلك أنك أحياناً تسلم مصيرك للآخرين ليتحكموا بهذا العبور …".
في نهاية الأمر، لا يكون هنا [ في هذا الكون الظاهري ] تعريف أو تحقق للحدث المتعين بإحداثيات t,z,x,y [المكان والزمان] وإنما هناك "تعريفات تركيبية" تتعلق بتفاعل الحدث نفسه بالنسبة لحدث آخر وأحداث أخرى، وكذلك الخط الزمني لكائن ما يكون خاضعاً لمعادلات التحويل بحسب تفاعله مع إطار رصد معين، وهُويته الزمنية بالكامل تختلف من راصد لآخر بحسب تفاعله، فمثلاً لو أنك تجد طريقة للتفاعل مع سنة 1931 مع بيت معين من خلال نطاق أرصاد زمني قمت بتوليفه في مختبرك أو حديقة المنزل، فإنك ستعبُر إلى ذلك النطاق بفعل قوى التآثر بينكما وبالمقدار الذي تسمح به دساتير هذه القوى.
لذلك السفر عبر الزمن … هو حقيقة نظرية، وإمكانية عملية في فيزياء الكون وحقيقته الجوهرية.
أي أن الزمن هو محاكاة للتفاعلات، تحكي هذه المحاكاة عن أرصاد معينة من رؤية راصدها وأحداث من رؤية محدثها ، ولتغيير زمنك ومحاكاته لابد أن تغيّر نطاق أرصادك نفسه، وعلاقاتك وتفاعلاتك مع البيئة ومع الكائنات.
بالنسبة للكون في حقيقته كمصفوفة، فإن أي كائن له تعريف محدد على نحو نهائي من المتتاليات، يعرّف بكل تاريخه الكوني ككائن محلي. لأن جميع علاقاته يمكن تحديدها من وجهة رؤية الكون المطلق عن أن يكون جزءً.
ولكن بالنسبة لما يحويه الكون من تلك العناصر نفسها التي تملأ الزمكان، أي جميع الكائنات المحلية اللامنتهية، فإن أي كائن منها يأخذ تعريفه برؤيتها من العلاقات النسبية الخاصة به مع بقية الكائنات، أما النقطة t,x,y,z (1) فلا معنى محلي لها لأنها ليست من داخل شبكة العناصر المحلية نفسها، إنها نقطة مطلقة، وشرط مطلقيتها هو أن تخرج عن العلاقات بين العناصر ونسبتها إلى بعضها البعض.
المشكلة أنك بدأت رصد الحدث من جزئياته التفاعلية الخارجية ولذلك تُهتَ بينها، وربما قمت بإحصائيات لسلوكه ولتفاعله وجعلتك حالة العجز عن فهها تؤمن وتصدق أن هذا الكائن لن تصل لحقيقته ابداً، أو ربما ليس له حقيقة، ولكن الحقيقة دائماً غيرُ الذي يتبدى للناظر إليها.
الحقيقة أن الكائنات جميعاً على اتصال مباشر بك طوال الوقت، في وجودها ما وراء الرصد، ما وراء الظاهر ووراء العلاقات الخارجية مع وقائع خارجية أخرى. وما يجبك عنها هو شكل ظهورها الموضوعي فقط.
لا تنظر إلى العيون وانظر إلى إشعاع الحقيقة وراء العيون :
إن انشغال الجميع بخارجية العلاقات وظاهر الحياة الدنيوية، أحدث فجوة في فهم الزمن بالنسبة إليهم جعلت منه قناعاً جامعاً لأقنعة لا تنتهي من نماذج المُحاكاة، لقد أحال كل الحقائق الجوهرية إلى أوصاف خارجية وأوصاف … فحين تبحث تجد الخارج فقط، وتجده نسبياً لأنه اصلاً عزل للحقيقة عن جوهرها وإلصاقها بخارج موضوعي، وتجد أيضاً أن هذا العالم الخارجي الموضوعي معتمد أساساً على شبكة العلاقات بين موضوعاته، وبالتالي معتمدٌ أصلاً على استمرار هذه الشبكة، ولكي تستمر … لابد لها من لفت انتباهك باستمرار عن الحقائق، وجلبه نحو المظاهر … هذه الشبكة مصممة للاستمرار والاستمرار دون توقف، ودون غرض وغاية نهائية تتوخاها …
هذه الشبكة تسمى بجهنّم، تحاسب المرء على رغبته المستمرة في الحياة الدنيوية، وحين يموت جسده يزرع له جسداً جديداً في هاويتها، ويوماً بعد يوم يسلب منه الزمن كينونته، عقاباً على رغبته المريضة، يوماً بعد يوم يرى كل شيء يفنى أمامه وكأنه لم يكن له وجود … يرى الأشياء تمحى وكل ما له قيمة يموت، ولا يموت إلا ظاهره ووقتيته التي تعلقت بها النفوس …
الفيزيائي اليوم يتم فرمتته على اتخاذ الطريق الظاهري في المعرفة، وتكون النتيجة الحتمية هي : إذعانه المُطلق بنسبية الظواهر الفيزيائية، وإذعانه المطلق والتام بنسبية الحقيقة، وايضاً تنمية نزعة التحليل والتفكير النمطي المنطقي الجاف في كافة أفعاله.
الحقيقة ليست فقط مجموعة الفيزيائيين هكذا، إنهم يقولبونكم جميعاً على هذا المسار، ومن هنا تعتبرون الإنجاز العملي للىلات دليلاً على النجاح، لأنه أصلاً أنتم فاقدون للإحساس بالحقيقة ولذلك تحتاجون دليلاً عليها عوض البحث عنها بنفسها، وإلا لو كنتم على اتصال بشيء من الحقيقة ولو على نحو جزئي وقليل ومشتت، لما أذعتم لمن يخترع لكم الآلات التي لا تعرفون حقيقة علة وجودها على هذا النحو وهو الذي سبب نجاحها في الجانب العملي من الحياة الدنيوية.
- ما هو الكون ؟
- ما هو نسيج الزمكان ؟
- ما معنى توسع (بالأحرى تمدد) الكون ؟
- الكون هو فضاء شاسع يتكون من عدد ضخم من المجرات والنجوم والكواكب ( ويكيبيديا )
- "أسميه عالَماً Universe ذاك الذي هو كل سلسلة وكل جمع للأشياء، حتى لا يقال قط إن عدة عوالم كان يمكن وجودها في أزمنة مختلفة وأماكن متباينة، لأنه من الواجب عدها كلها عالم واحد، أو كون إذا شئتم" باسكال
- الحدث نفسه (التفاعل)
- الكيان الزمني الممارس للفعل
- البيئة المحيطة التي يحدث التفاعل فيها
- إطار الإسناد النسبي
- محور الإحداثيات
تتحرك الأرض لخارج المجموعة الشمسية، بينما يكون لهذه المجموعة ثبات مُطلَق بالنسبة للأرض، هذا سيجعل ثقالة الأرض أيضاً غير مؤثرة على حركة تلك المجموعة وكأن الأرض لا وجود لها، ولا حقولها المغناطيسية تفعل لها شيئاً، ولا ينبعث من الأرض حتى ضوء ليرصده بقية المراقبين لأن حركتها غير مقيدة بحركة الأشياء في الكون، فلا هي تتأثر بما تقوم به تلك الأشياء ولا هي تؤثر عليها.
إطار إسناد ضوء القمر بالنسبة لمراقب على المشتري قد يبدو فيه القمر مظلماً بينما أنت تراه منيراً في أرصادك، ولكن التفاعل نفسه بين ضوء القمر وبين أرصادك لا يشبه في تكوينه التفاعل بين ضوء القمر ونطاقات أرصاد أخرى، بينك وبين القمر ، هناك بَون فيزيائي ، هو الذي يحوي خط التفاعل الذي يقع بين صدور الحدث وبداية رصدك له. وهذا البون يتأثّر بعوامل داخلية [ تتعلق بأجهزتك الحيوية والفيزيائية والعقلية ] وبعوامل خارجية تتعلق بخط سير الضوء نفسه.
هذا على فرض ثبات سرعة الضوء، فإن دخول عوامل التحريف بقوة ما تؤثر على انتشار الضوء أمر محتم الوقوع، يوجد مثلاً قوة ثقالة الأرض، تحرّف مسار الضوء قليلاً لأنها تؤثر على حامله الفيزيائي المسمى بالفضاء، والكواكب أيضاً تحرّف مسار الضوء، وشخص في أمريكا لن يكون وصول الضوء إلى أرصاده طبوقاً تمام الطباق مع شخص في دمشق، لأن خطوط التآثر بين الجاذبية وبين الضوء في دمشق تختلف عنها في أمريكا، لأن القمر لا يبعد نفس المسافة عن الاثنين، ولأن الأرض ستتحرك أثناء سقوط ضوء القمر على سطحها.
هناك كل شيء حاضر لا يدركه الغياب، وكل العوالم متصلة ومتحدة ، ولا سنة ولا نوم ولا فترات … في زمن الحق
أي هناك حتماً شيء يسمى : الطول، العرض، الارتفاع، التوقيت، الحركة، التفاعل، الحدث، الكائن المحلي، القوة المؤثرة، العطالة النسبية .... معاً تشكل هذه القيم التجريدية وغيرها قاعدة مصفوفة الكون الأولية، ومن خلالها فقط تحدث التفاعلات.
- إن x هي حركة تفاعلية زمنية
- صدرت من الكائن المحلي A ضمن شبكة علاقاته الافتراضية مع البيئة المحيطة
- وقعت هذه الحركة في البيئة الزمنية المحيطة Z وقامت بتأثير ملحوظ على كائناتها
الصخرة تأخذ تعريفها من الكوكب والكوكب من الفضاء، ولولا الفضاء لما كان للكوكب تعريف ولما كان هناك فراغ ومحتوى ولما أمكن للصخرة أن تُعرّف ...
وعند تعميم هذا على الزمن بأسره، يكون الزمن المحلي بأسره مختلفاً من راصد لآخر أو بالأحرى هو بحقيقته محض التفاعلات.
ولأن التفاعل بين الراصد وبين إكس متعلق بمقاليد كل من الواقع المحلي للراصد والواقع المحلي لإكس والواقع الذي يصل بينهما، يكون الرصد والتفاعل والزمن هو شيئاً ذاتياً بامتياز في تشخصه وراصديته.
"لن تدخل الجنة الحقيقية وأنت غائب عن التفاعل معها … مفتاح أي باب هو حصيلة تفاعلك الذاتي مع الوجود ما وراءه".
"إن عبور الزمن فعل تمارسه باستمرار، إن الزمن نفسه هو عبور … ولكنك تمارسه بشكل لاواعي ومطواع لقوانين الكون المحلي، والأكثر من ذلك أنك أحياناً تسلم مصيرك للآخرين ليتحكموا بهذا العبور …".
نسبية الزمن بالرؤية الموضوعية المطلقة
بالرؤية الموضوعية ، يتم رصد الزمن الزمن ككائن وجودي متراكب من كافة المسارات والعلاقات المنفصلة…
زمنك الحالي ، يبدو أنه يحدث عبر مكان ثلاثي الأبعاد، موزع بشكل يظهر فيه كل شيء منفصلاً عن الآخر، ولكن، حين تدرك الأمور بشكل أكثر دقة تلاحظ أنك تعيش ضمن زمان يكون فيه الحدث منفصلاً عن الحدث، والراصد منفصلاً عن الراصد، وكل علاقة زمنية بين حدث وراصد لها تكوينها المنفصل تماماً عن بقية المسارات.
لأن المسار الزمني الناشئ عن علاقة بين حدث معين وراصد معين يعتمد على رؤية الراصد وإدراكه للحدث … يعتمد على موقع الراصد من الوجود، ولذلك يختلف الحدث من موقع لآخر ومن راصد لآخر لأن رصد الحدث هو تفاعل وهذا سر النسبي.
وكذلك يعتمد الرصد على موقع الحدث من الكون، ومن حيث المكان وحده فكل راصد يرى نفس الحدث بزاوية متفردة، فالشمس تبدو غاربة بالنسبة لنيويورك حينما تكون لحظة منتصف الليل تدق في ساعة دمشق، لكنها تجتمع على أن يكون الحدث له موقع معين في مسطرة الزمن الكوني، فالشمس تغرب وتشرق مكانياً بالنسبة إلى دول الأرض ولكن هذا التغير الشكيل يكون في التوقيت لا في الميقات، فحين تغرب الشمس في نيويورك يتزامن ذلك مع منتصف الليل في دمشق، فالتغير يكون برصد الشكل فقط من حيث زاوية الرصد نفسها ، دون أن يتأثر التوافق الزمني بين الراصدين لنفس الحدث.
لكن الحقيقة فعلياً، أن رصدك للحدث يتعلق بوصول تأثير الحدث إليك، وهذا الوصول إذا اختلف بين الراصدين ، يمكن أن تختلف أرصادهم جذرياً لنفس الحدث، أي أن العلاقة القائمة بين الحدث وبين الراصد له هي ما ينشئ إحساسه كراصد بالزمن المحلي. فالعلاقة بين أشعة الشمس من منطلقها وبين الراصد هي ما يحدد ميعاد الرصد الدقيق، فإذا كانت هذه الأشعة تصل لراصد قبل آخر، فإن صورة الشمس نفسها ضمن الفلك يرصدها شخص ما قبل الآخر.
فحين تكون الشمس في برج العقرب بالنسبة لراصد على الأرض، فإن راصداً على كوكب يبعد عشرين سنة ضوئية مثلاً ولكنه على خط مستقيم يصل بينه وبين شعاع الشمس ويمر براصد الأرض، فالحالة الاعتيادية أنه سيرى الشمس في نفس الموقع الفلكي، تماماً كما أن شخصاً في قمة برج إيفل وشخصاً في قعره وعلى فرض وجود فتحة سقفية يرون من خلالها نجماً ما فإن كلا الشخصين سيرونه بنفس الموقع الفلكي، ولكن هذا يعود لكون شعاع النجم أسرع من مفارق الميقاتين لبضعهما في كلا عمليتي الرصد، أما كوكب يبعد 20 سنة ضوئية وحتى ولو كان على تعامد مع الأرض بالنسبة للشمس فإن شعاع الشمس الذي سيصل إليه لحظة التعامد سيكون قد وصل الأرض قبل حوالي عشرين سنة، فأنت ترى الشمس في سنة 2022 وهو يراها في سنة 2002.
حتى كوكب الأرض الذي يبدو له متعامداً فقد كان ذلك قبل عشرين سنة، أما الآن فلا يوجد "معنى" للحديث عن تعامد الأرض أو عدمه مع الكوكب، إذ لا وسيلة أصلاً لقياس هذا الحدث، لا بالنسبة إلى الأرض ولا بالنسبة إلى الكوكب نفسه ولا بالنسبة إلى اي راصد آخر، فالأرض سترى صورته التي مرت عليها عشرون سنة، والكوكب سيرى الصورة بنفس الطريقة، ف"الآن" بالنسبة للكوكب هو الأرض قبل عشرين سنة ولكن الآن بالنسبة للأرض هو الكوكب قبل عشرين سنة، أي أن الآن فيزيائياً انكساري ولا يوحده التفاعل على مستوى الفيزياء.
والراصد الثالث بينهما والذي قد تظنه يقترب من الآن أكثر، فيرصد صورة الأرض قبل عشر سنين مثلاً وصورة الكوكب قبل عشر سنين، ولكن الأرض قبل عشر سنين كانت ترى الكوكب قبل ثلاثين سنة، والكوكب كذلك، أي أن صورته تبتعد كثيراً عن الآن الحقيقي.
إذن الزمن ليس ميقاتياً في العالم الفيزيائي الموضوعي، الميقات دائماً مستقل، الزمن تفاعلي وكل كائن يكون زمنه وفق تفاعله مع التأثيرات الفيزيائية عليه وليس وفق مصادر هذه التأثيرات، فالمصادر أيضاً لها زمنها، فحين ينطلق التأثير من مصدره ينفصل زمن التأثير عن زمن المصدر على نحو نهائي … وحين يصل التأثير لمستقر ما فإن زمن المستقر هو "التأثير نفسه ، وتراكب التأثيرات عليه ، والتفاعلات معها" …
ولذلك وبما أن لكل راصد كيانه الفيزيائي وبيئته المتفردة عن بقية الراصدين ، وبما أن وصول الحدث إليك كراصد يحتاج إلى عبور البيئة بين شعاع الحدث وبينك، فإن كل راصد له زمنه الخاص.. الذي لا علاقة له بالزمن للراصدين الآخرين إلا بقدر "نسبة التفاعل" بينه وبينهم، فتفاعل شخصين على نفس الكوكب أسرع من تفاعل شخصين على كوكبين أسرع من تفاعل شخصين في مجرتين وهكذا …
قم بتبديل كلمة راصد إلى كلمة "كائن"، لأن رصد الحدث يعادل التأثر بقوة فيزيائية صادرة عنه، وبالتالي يكون لكل "كيان في الكون مساره الزمني الخاص" وهذا يعني أن مسارك الزمني متفرد عن بقية المسارات.
ولا تجتمع المسارات إلا بقدر توافقها في التفاعل مع الحدث المرصود. فكل مسارين يتفاعلان مع شيء معين له تعريف محلي واضح، سيشتركان في رصد هذا الشيء عموماً ويختلفان عندما نضيف له عامل البيئة لكل منهما.
مثلاً لديك شعاع الضوء القادم من القمر، يصل إلى الأرض بمسارات، وكل نقطة منها ترتبط بمسار خاص، ولكن هذه المسارات ترصد نفس الحدث تقريباً وتتفاعل معه بنفس الطريقة تقريباً، هذا يجعلها تحس بأنها تشترك برؤية نفس الحدث ، مما يوحي لها بأنها "تتزامن آنياً مع نفس الحدث" وهذا وهم في الحقيقة، إنها ترصد نفس الحدث ولكن كل بقعة من الأرض ترصدها بطريقة معينة، والتزامن هو إحساس ينشأ عن "مقارنة" الراصدين لنتائجهم معاً، دون أن يدركوا أنهم يشتركون في "الخاصية التفاعلية العامة لبيئتهم" وليس في "التفاعل الزمني" نفسه.
الآن … وإذا كنتَ بكهف مثلاً أو في مختبر، شعاع القمر يصل إلى موقعك الزمني كما يصل إلى الجميع، ولكن "بيئتك" عزلتك عن الرصد.
والضرير أيضاً لا يمكنه أن يرى القمر، ونقول إن "تكوينه الفيزيائي" عزله عن الرصد, أي أن الزمن المحلي هو تفاعل بين الكيان والحدث ، ينتقل كشعاع يعبر بيئة الكيان وبيئة الحدث … ونتيجة التفاعلات المستمرة تتكون أحداث جديدة ومجموعة الأحداث تسمى ب"المسار الزمني"، لكن الزمن نفسه هو التفاعل الخالص بين الكيان وبين الحدث.
ولذلك يشترك أهل الأرض في زمن الدورة الشمسية وأهل كوكب آخر يمرون بزمن مختلف تماماً ، ومع أن كينونات الأرض لكل منها مسارها الزمني الخاص ولكنها تتفق جميعاً بملكة عامة وهي العلاقة مع "الأرض" كزمن مركب، وهذه العلاقة تجمعها جميعاً وتجمع الكائنات في مسار تركيبي موحد، يسمى "زمن الأرض الكوكبي".
بينما يختلف هذا المسار الموحد أو الفئة العامة عن مسار زمني تركيبي آخر يعيشه كوكب آخر في فضاء آخر.
وجميع المسارات الكوكبية تنتمي لمسار زمني جامع يوحد كل شيء في الكون، ويمكن تسميته ب"زمن الكون".
الزمن ككائن واحدي يجوهر العلاقات والمسارات التي "تبدو" منفصلة :
إذا نظرت للزمن من حيث النتائج فقد تستنتج أن الزمن كيان مركب من الأحداث والمسارات المنفصلة عن بعضها، أي أنه "مجموعة" وليس "وحدة" فهو يجمع الأزمنة التفاعلية ولا يوحدها، فهي لا تزال منفصلة ومتكثرة، وهو مجرد تعبير عن مجموعتها التي لا وجود حقيقي لها((حسب الوضعيين)).
أما إذا رأيت الزمن من حيث أنك لا تنظر لمجموعة المسارات وهي منفصلة عن بعضها وتكتفي بالظاهر، ولكن تبحث عن ما وراء الظاهر، أو بالأحرى حقيقته.
تدرك الزمن … بالنسبة للحقيقة والوجود، لا بالنسبة للراصدين بعضهم لبعض … يجب ان تقتحم عقبة الموضوعية وتتجاوزها وتبني معرفتك على إدراكك الذاتي الحر … ترى بعين الوعي لا بعين البشر …
"حقيقة هذا التفاعل" الذي يحدث بين الذات والحدث الموضوعي المرصود، أي ، من حيث تدرك الزمن برؤية تستقل عن الانغلاق على النتائج الزمنية والأحداث المرصودة، وتتعمق للبحث في عللها وجوهرياتها.
كنت سابقاً ترى بأن الحدث نفسه الذي ترصده، يتم تعريفه من خلال موقعه ضمن المكان والزمن، أي بمقارنته مع أحداث المسار الزمني الكلي، و مع كل ما ترصده، فتنظر للحدث كنتيجة ظاهرية ولا تبحث عن ما وراء الحدث.
ولكن هذا لا يعني عدم وجود مسارات زمنية أخرى غير مادية، وتلك المسارات لن تختلف جزئياً عن زمننا ولكنها تختلف نوعياً أيضاً، أي أن مفاهيم الزمن هناك مختلفة، فليس هناك تجزئة زمنية كالتي نحياها هنا، وبالتالي لا تنظر إلى الزمن كشيء مركب من علاقات معزولة عن بعضها البعض، فالزمن يبدو مركباً عندما تنظر له من مقاييس المادة.
بالنسبة لك تبدو الأمور متناقضة ومفارقة لبعضها، لأنك تقيسها إلى إحداثيات زمن جزئي، وهذا الزمن يكون فيه التناقض بين تلك الأمور هو معجاله ومنتج محاكاته، وفي الزمن الكلي تختلف الأمور كثيراً، مثلاً أنت هنا ترى المادة نقيض التجريد لأنك تقيس التجريد من رؤية المادة وترد الأمور المجردة إلى إحداثيات ولكن هذا الزمن لا يوحدهم بأجزاءهم المبعثرة بل بخاصية عامة تشترك فيها كل الأجزاء، هذه الخاصية هي "المسار المادي".
0 تعليقات