Advertisement

Main Ad

الدين المظلم [3] : أسس الفلسفة النفعية والقوانين الليبرالية - الحرية الموضوعية والظلام المحيط بالذات

  

  1. النظام الليبرالي النفعي : هو مجموعة قوانين سياسية واقتصادية وضعية متغيرة، تنقسم إلى فئتين : القوانين الظاهرية وهي التي يتم الإعلان عنها بشكل رسمي في دستور البلاد وسياسات الحكومة، والقوانين الجوفية التي تتحكم بحركة القوانين الظاهرية وتبررها، وتُبنى منظومة القوانين بأسرها على نواة واحدة للتفاعل الافتراضي بين الناس ككل وهي "المنفعة العامة\الحرية العامة". كل قوانين الدولة هي محاولة لتطبيق هذه القيمة على الشعب المحكوم وبما تستدعيه البيئة، فلا ثوابت للدولة إلا هذا الثابت : تحقيق مبدأ المنفعة العامة بحسب البيئة المادية الظاهرية للشعب المحكوم.
ذلك له معنيين : الأول أن هذا المبدأ الحاكم هو الوحيد الذي يثبت على مر الزمن في دولة ليبرالية، وكل المبادئ الأخرى غير مهمة وقابلة للتغيير المستمر، فلا تهدف الدولة الليبرالية إلى تحقيق العدالة والمساواة ولا إلى تقدم الدولة أو رفاهية الشعب إلا ضمن هذه الرؤية المنطلقة من مبدأ المنفعة.

المعنى الثاني هو أن هذا المبدأ للمنفعة يتحدد أكثر وفق البيئة المادية والتي تشكل الواقع الظاهري المنظور لجميع المراقبين المشتركين في هذه الدولة، بمعنىً آخر فإن أي قيمة أو معرفة ذاتية أو روحية أو عقلية، أو أي تجربة خاصة وحدث خاص لم يره المراقبون جميعاً يسقط الاعتراف الحكومي به ويكون هو وعدمه سواء بالنسبة للقانون.

إذن ، النظام الليبرالي هو نظام حكم غايته تحقيق المنفعة المادية الموضوعية للمحكومين، سيره عليهم غير محدد المعالم ويمكن أن يتشكل بأي صورة كانت، طالما أنه يحقق الغاية الابتدائية، والمشرفون على تحديد السياسات الأولى يمكنهم فقط رؤية السير المناسب للأحداث.

لذلك يتميز هذا النظام بأنه ميكافيلي "غايته تبرر وسائله" وبأنه دنيوي "غايته مادية ونفعيته استهلاكية ضمن أبعاد المادة".

مثلاً تجد كلمة تتردد على لسان المدافعين عن تلك الدول تقال بتعبيرات مختلفة ولكن جوهرها هو "تلك الدول تبحث عن مصالحها ولا تتآمر ضد البشرية" ولأن كلمة "مصالحها عمومية جداً فقد يفهم السامع والقارئ أنها تريد مجرد تحقيق الرفاه والأمان لأفراد شعوبها، وهكذا يستغرب من الموضوع إذ ما الذي سيجلب بالرفاه والأمان إلى دولة عندما تحتل دولة تبعد عنها عشرات آلاف الكيلوميترات؟ وما الذي يمكن أن يجعل الدول تتصارع على مصالحها والأرض تكفي كل شعوب الأرض ومثلهم معهم عشرات المرات؟

لأن كلمة "مصالحها" ليس معناها كما يتخيل الإنسان البسيط والطيب، تلك التي يعتبرها "هو" مصالحاً، ولكن المصلحة في قانون أمريكا ودول الحداثة الأوربية تتخذ قوالب ظلامية وإجرامية.

لكي نعرف معنى المصالح في النفعية لابد أن نفهم جيداً ما هو النفع العام وما هو النفع أصلاً ..

مبادئ فلسفة القانون النفعية :


1. الأخلاق المادية الموضوعية بالنسبة للفرد : النتائج الحسية الموضوعية لعمل معين بالنسبة إلى جهة معينة، هي المعيار الوحيد لتحقيق حكم أخلاقي على السلوك بالنسبة لهذه الجهة، مثلاً لنقول هل الجنس بدون ارتباط أخلاقي أم لا، بالنسبة لفرد بعينه يمارس الجنس ولا يجد أي ضرر مادي منه فهو أخلاقي ومقبول، ونعني بالضرر المادي أي تأثير ينقص من تفاعله مع البيئة الموضوعية.

2. الاخلاق المادية الموضوعية بالنسبة للجتمع :
بالنسبة للمجتمع ككل، تكون النتائج الحسية الموضوعية المبنية على سلوك معين مصدر حكم أخلاقي على هذا السلوك بحسب ما يراه جميع المراقبين المحليين، وحسب تأثير النتائج على كيان المجتمع الكلي، مثلاً يكون الجنس في أوقات الوباء غير أخلاقي "غير صائب" بالنسبة للمجتمع ويمكن منعه، لكن هذا الجنس في أوقات تخلو من الوباء يكون مقبولاً، وقد يبدو الموضوع بسيطاً إلى حد عدم الاكتراث الكبير بالنسبة لإنسان عادي، ولكن ولو دققت الأمر أكثر، فشرط موضوعية الرصد يمنع الحكم على ذاتية التأثير، مثلاً كشخص مثل المومس المتصنعة للمتعة لا تبدو للمراقبين المعتمدين على عيونهم الفيزيائية شيئاً ذا ضرر، وكذلك من يذهب للتحول الجنسي، يبدو لهم مجرد تشكل خارجي جديد، ولكن الحقيقة أن نسبة أمراض الكئابة والحزن والنفس عند المومسات عالية أضعاف المرأة عموماً، وهناك كثير من الإدمان على المخدرات ومن حالات الانتحار، لأن المرأة ليست مجرد آلة، صحيح أنها قد تكون جسدياً غير متأثرة، وتتصنع أنها بخير دائماً ولكن الحقيقة أعمق من رؤية الجسد، إنها نفس وروح لا يمكن رصدها بقوانين الفيزياء.

لذلك لا يمكن وجود أخلاقيات مبنية على الفيزياء والمعرفة المادية الموضوعية.

هذه أمثلة بسيطة جداً ولكن المعاناة لا تتقوف عند حدود المومسات، وسنتدرج في حديثنا بالتفصيل ..

3. المنفعة كمعيار للدافعية :

بعد شرح مبدأ الأخلاقية الموضوعية "يقاس الفعل بتأثيره المادي الموضوعي فقط"، يمكن التدرج لنفهم ما هي المنفعة :

"المنفعة عند المادية عموماً هي الفائدة المادية المترتبة على فعل زمني معين، هذه الفائدة إما ان تكون تحقيقاً للذة أو تجنيباً لألم". ولكن اللذة والألم بالنسبة للأخلاقيات الموضوعية يجب أن يكونا موضوعيين، بمعنى أن اللذة هي مسألة مادية وموضوعية بالنسبة للمجتمع، وبالنسبة للفرد فهي مسألة مادية غير موضوعية، مثلاً الإنسان المادي لا يعترف على وجود متعة روحية، فهو لا يرغب مثلاً بترك عوالم المادة، أو بفعل الصلاة والزكاة، أو بأي "قيمة" و"معنى" لفعل ليس له مصداق مادي، الماديون لا يرون هناك معنى إلا في ضمن تفاعلات المادة نفسها، وأي شيء روحي يصفونه بالخيال واللامعقولية، وأنا أتحدث عن فلسفتهم ومثلاتهم وليس عن أشخاص بعينهم، لأن الإنسان خليط غير متجانس إلا قليلاً.

لذلك تنحصر رغبات الإنسان الدنيوي برغبة البقاء في الدنيا من جهة، ورغبة السيطرة على زمنها وتملكه من جهة أخرى بما يضمن له تحقيق ما يشاء من هذا الزمن، أي تحقيق أكبر قدر من اللذة والاستهلاك للمادة وللموضوعات، وتكون الموضوعات إما مادية بحتة "رغبة الطعام والشراب" وإما مادية ولها تعلق نفسي معين "رغبة طعام معين وشراب معين" وبالنسبة للمادي فالإنسان الآخر هو موضوع للإشباع قبل أن يكون إنساناً، وأن احترامه كإنسان، وأما التعامل معه كشيء أعلى من مجرد المادة، فذلك لا ينبع من صلب الفلسفة المادية ولا يحقق شروطها الكاملة، إنه خروج عن النص أكثر منه نتاجاً للفلسفة.

ولذلك لا يكفل مبدأ المنفعة هذا حق الآخر في العيش بالدنيا دون استعباده من قبل الإنسان المادي الأول، وعندما يكونان كلاهما متفقان على نفس مبدأ اللذة المادية والنفعية فمن باب احتساب المنافع وتجنب الضرر، فسيتفقان على معاهدة ورقية بينهما، يمكن اعتبارها صيغة من القانون ، تنص على منع انتهاك كل منهما لحدود الآخر، وبصيغة أولية تكون هذه الحدود هي التي يتم تعريفها مادياً كنوع من الملكية الخاصة "للجسد - للموارد - للأمور المعنوية ضمن المادة كالزوجية والعائلة والاسم".

4. قانون الحرية الفردية الموضوعية : 

الحرية في مفهوم الماديين والنفعيين يجب أن تكون معرّفة بناء على قاعدة موضوعية، وليس على الإحساس بها وعدم الإحساس أو غياب القدرة الذاتية للوصول إليها، فحين تحقق الشروط الموضوعية فحتى لو غابت الحرية ذاتياً لن يكون هناك اعتبار مادي لذلك.

هذا القانون الذي يكفل ملكية كل شخص لجسده وهويته ومتعلقاته أمام الشخص الآخر يسمى ب"قانون الحرية العامة".

ولكن هذا القانون مبني على اتفاق الطرفين، أي أن تحقيق حرية خاصة من رؤية مادية وبوجود شريك في الدنيا يمكنه التفاعل مع زمنك وشخصك يستدعي مباشرة وجود عقد مع هذا الشريك. وهذا العقد يمنع الشركاء من أن يتعدوا حدود ما ينص عليه من اتفاقات، وكل تجاوز للعقد له عاقبة قانونية معينة.

ولكن العقد يقول : "تبدأ حريتك حين تنتهي حرية الآخرين" أو بالعكس "تنتهي حريتك حين تبدأ حرية الآخرين"، وكلا المعنيين متطابقين ويستوجبان بعضهما، ولكن تعريف حرية الحقوق بهذه الطريقة، يعني أن الحرية تغدو مفهوماً اتفاقياً بين الشركاء، وليست قيمة بحد ذاتها، ومعناها يصاغ بموجب العقد لا بموجب الحياة والوجود والقيم والعدالة والضمير ... ومعرفتها تكون كذلك، على أنها مجرد تسهيل لمعاملات الافراد، وليست قيمة لها حضورها.

لأن الحرية غير مادية وغير موجودة على نحو موضوعي، إنها قيمة وحقيقة وذاتية المعنى، وبالتالي لا يمكن التعرف على جوهرها وهويتها بالنسبة لمجتمع يعبد المواد ولا يرى في الوجود أكثر من ظاهره المرصود.

فلا قيمة اسمها الحرية في فلسفة النفعية، ولكنها مفهوم إجرائي وقانون وظيفي لتسهيل التعايش بين الأفراد الموضوعيين.

الفرد من رؤية مادية بحتة لا يهمه كثيراً حرية الآخرين وحتى ولو همته فهو غير قابل لضبط سلوكه إلا بقوة، وحين تكون القوى متوازنة فسيمكن ضبطها بعقد، ولكي يكون بين فرد وآخر عقد وكلاهما نفعي ومادي ولا يؤمن بالقيم، فسيكون عليهما الاتفاق على إجراءات.

مثلاً ملكيتك لجسدك ليست شيئاً مادياً، والتفكير المادي لن يخبرك أن هذا جسدك وذاك جسد فلان وعليك أن تترك جسده أو عليه أن يترك جسدك، وقس على ذلك "كل العلاقات" بين البشر، لأن معرفة المادة وحدها لا تضمن تحكمك بالزمن الخاص بك، ولا بردة فعل الآخر أو حتى مبادراته نحوك، وبما أن الفرد لا يرغب أن يتعدى على حقوقه أفراد آخرين وليس بمقدوره أن يضمن ذلك مادياً، سواء من ناحية قدرته على ردهم وتجنبهم أو من ناحية قدرتهم وقرارهم الشخصي أن يتعدوا عليه، هنا يأتي دور العقد بينهم لكي يضمن لكل فئة وفرد مساحة افتراضية من الحقوق بناء على علاقات افتراضية وتنظيم افتراضي مع الفئات والأفراد الآخرين.

أهم ما يجب أن تدركه، أن قانون الحرية الليبرالي ليس لحفظ حريات الافراد، وإنما لحفظ العقود والعلاقات بينهم كمجموع، أي أن الأفراد كذوات مهمشين بأحسن الأحوال، ومجرد أدوات بأسوءها من أجل الحفاظ على كيان ضخم يسمى بالمجتمع، يجمع فيه الذوات ويقيدها بعلاقات افتراضية تمنعها من "تحطيم كيان المجتمع الافتراضي" ولكن ليس بالضرورة أن تكفل حريتها وحقوقها، لأن الحق والحرية ضمن هذا المجتمع هما فقط ما يثبت موضوعياً ومادياً وما يتم الاتفاق عليه بين الأفراد.

بعبارة أخرى فهذا المجتمع له غاية واحدة فقط : حفظ وجود الروح الواعية ضمن علاقات افتراضية مع الأرواح الأخرى بما يكفل استمرار هذه العلاقات، هذه العلاقات الافتراضية تشكل ما يمكن تسميته ب"كيان المجتمع الافتراضي" وهو شيء يشبه الآلة الشبحية ، يمتص طاقته من تفاعلات الأرواح فيه وفناءها في علاقاته وعدم خروجها عن نسقيته.

5. كيف يقيس المجتمع الموضوعي المنفعة والضرر المعنويين :

طبعاً هناك قانون للأذى النفسي والمعنوي في بلاد الحضارة الليبرالية، وهناك عقوبات مشددة على هذه النواحي، ولكن ما لا تعرفه هو كيف يقيسون وجود هذا الضرر ...

المبدأ النفعي العام لا يهتم بالمشاعر البشرية، هو موجه فقط لجعل المجتمع قادراً على تحقيق البقاء الدنيوي بما يستدعيه ذلك من علاقات وإنتاج واستهلاك، لكن هذه المشاعر ضرورة أحياناً لترغيب الناس بالمحافظة على المجتمع والقانون، وليست ضرورة بحد ذاتها من دون مجتمع، هي وسيلة لبقاء المجتمع - من وجهة نظر المادية ، وليست غاية بحد ذاتها.

لذلك مثلاً جريمة الاغتصاب لا تزال تعتبر جريمة، لأن العقد الاجتماعي النفعي يقتضي موافقة الأفراد وتحديدهم لحرياتهم وهؤلاء الأفراد وافقوا جميعاً أو بأغلبية ساحقة على تجريم الاغتصاب، ولكنهم لم يوافقوا على تعريف دقيق لعملية الاغتصاب، مثلاً، لا تعتبر جريمة اغتصاب امرأة لرجل في بريطانيا اغتصاباً حقيقياً وغالباً لن يعاقب عليها القانون، رغم أن هذا خطير فعلاً في بعض الحالات حيث يمكن لمن يتم اغتصابه أن يكون متزوجاً ومن تغتصبه لها غاية أكثر من الجنس. وكذلك هو الحال نفسه حين تتعرض المحكمة لقضية تتعلق بفتاة تم اغتصابها منذ عشرين سنة حين كانت طفلة واليوم هرم المجرمون وكانت الفتاة قد نسيت ولكن شيئاً ما حدث وذكرها، هنا لا يتدخل القانون بقوة وسنعرف لماذا، ولكن ينبغي الانتباه إلى حالة استثنائية وهي أن تكون ضحية الاغتصاب نائمة أثناء وقوع الحدث، ولم تحدث لها اية أضرار جسدية، ثم بعد فترة من الزمن تكتشف ما حدث بالصدفة فحينها لن ينصفها القانون ولن يتدخل إلا بشكل خجول.

إن هذه الحالات لا تحقق معيار الموضوعية في "الأذى" لأن جريمة الاغتصاب عموماً، لا تؤدي إلى أضرار مادية مرصودة خاصة عند عدم مقاومة الضحية أو عند نومها، ولا يوجد بالتالي تأثير على المجتمع وبالتالي لا حق عام في جريمة الاغتصاب من وجهة نظر المنفعة، وكذلك الحق الخاص يقاس بشروط العقد نفسه، وأغلب التأثير السلبي لعملية الاغتصاب يحدث على النفس والروح لا على الجسد، وهذا التأثير وجوده وعدمه سواء بالنسبة للمجتمع "الكيان الافتراضي الناظم للعلاقات" إلا بحدود تأثر الضحية به بشكل يجعلها غير قادرة على التكيف مع المجتمع.

حالة اللاتكيف هذه ستفسد جزءً من موارد المجتمع ولذلك يتدخل القانون هنا لكي يمنع الاغتصاب، كي لا يتم تعطيل آلة المجتمع عن الإنتاجية والاستهلاكية المادية الخاصة بها.

ولكن ماذا لو كان الشخص الذي يُتّهم بجريمة الاغتصاب قائداً لجيش أو لمافيا مسلحة واعتقاله يستدعي الكثير من التضحيات؟ وماذا لو كان صاحب شركة كبرى أو له مصادر تمويل ونفوذ استراتيجية وضخمة، هل سيقوم القانون بعقابه أو أخذ القصاص للضحية ؟

لماذا لا نسمع عن تلك الحالات ؟ الجواب بسيط ... لأنها غير موجودة

ليس هناك قانون يحفظ حقك من راس مال مسلح بعلاقات وطيدة مع الحكومة أو ضدها، ولن تفرط الحكومة بجيشها أو بمواردها من أجل حالة اغتصاب لفتاة تعمل كموظفة في إحدى المدارس أو المقاهي أو المعامل، وحتى ولو تم قتل الضحية فلن يتحرك القانون لنجدتها لأن ذلك يخل بمعادلة النفعية العامة من أولها وإلى آخرها، لأن المجتمع ككيان من العلاقات الموضوعية سيعتمد على مصادر رؤوس المال في دعمه وسيكون معرضاً لخطر كبير ...

هنا تنتهي حرية الفرد ، وينتهي حقه، وليس من أجل حرية فرد آخر أو أفراد آخرين ولكن من أجل بقاء العلاقات نفسها، فتصبح العلاقات غاية لا وسيلة وتصبح أكثر من قيمة البشر أنفسهم، ويصبح حقظ العلاقات مقدماً حتى على حفظ الأرواح، لأن المجتمع آلة من القوانين العمياء الموجهة فقط لتنتفع بأرواح الأفراد وتستخدمهم كوقود لبقاءها.

لذلك تسمع بشيء يسمى "قضايا الأمن القومي" و"قضايا سرية للغاية" و"قضايا المخابرات" وأنها ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لأمريكا أو لدولة معينة، وكأن حياة الإنسان أقل أهمية منها، بما هو إنسان، وفقط المهم هو من لديه العلاقات الأكثر والتي تحقق له سيطرة أكبر ...

نظام الليبرالية هو الذي يسمح بمجال للسلطة تقوم بتلك الفظائع الأكثر وحشية في التاريخ، كالتجارب الجينية، والتجارب النفسية على الأطفال، وتجارب التحكم بالعقول تجارب الاستنساخ، وكافة التجارب الظلامية الأخرى ، لأن الفظائع التي سنتحدث عنها تقوم بها أجهزة الدولة نفسها تحت غطاء ليبرالي ، فالليبرالية تفصل الأخلاق عن الحكم، وتسمح بقيادته والإشراف عليه بمؤسسات رأسمالية تمول النظام وتشرف عليه ، أي أن البنية القانونية للفلسفة الليبرالية تحتوي جوهرياً على مجال للحكومة والمؤسسات الكبرى لتفعل كل ذلك ، فقضايا الأمن القومي لا تخضع للرقابة لأنها تعتبر "أعلى مصالح الدولة والشعب" ومن خلالها يتم تبرير كل شيء بدأ من الجاسوسية والحرب النفسية وتجنيد العملاء وانتهاء بأقذر ما يمكنك تخيله.

النظام الحكومي الأمريكي الذي يتبنى ذلك النظام الليبرالي النفعي ويروج له عالمياً ليتمكن من تطبيق هذه الفظائع في دولته وكل الدول الأخرى. شاملاً ذلك ما يروج له من المذهب الطبيعي التجريبي والمادية المطلقة ، بالطبع ، العقائد بمختلف أنواعها هي العدو الأول لهذا النظام لأنها تؤسس للأخلاق ، ففي النظام العالمي الجديد ( الذي يراه البعض أفضل من التخلف ) هناك قوانين ستجبرك على وضع الشريحة النانوية وأخذ اللقاحات ، ستلتغي حريتك بخصوص ذلك ، وستوجد قوانين تسمح بأخذ موافقة المرء لبيع نفسه في المزاد أو التنازل عن حياته لمؤسسة علمية أو حتى لمجموعة مجهولة. هذه لم تعد نظريات مؤامرة ، إنها حقائق قيد التطبيق الآن ( حالياً ).

الحقيقة المؤلمة هي أن نظام أمريكا هو الأسوء بين ما هو موجود ، وما يمكن وجوده أيضاً ، لأنه نظام مخادع ويشبه الذئاب ….

كل مجرم يمكنه سرد عشرات الخطابات والمحاضرات لتبرير فعلته بحجاج وجدل لا ينتهي … نحن أمام وقائع وليست في عالم الخيال …

سواءً الأنظمة العربية أو الإسلامية أو الشيوعية والاشتراكية الروسية ، هي دائماً بديل أفضل من حيث المبدأ من أمريكا … فأمريكا مجرد حلم يغرر به الشيطان ، حلم كاذب ، ينقلب إلى كابوس … بعد فترة من الزمن. عدى عن زوال الضمير ، الأجيال القادمة ستكون بظلام حقيقي.

إرسال تعليق

0 تعليقات