Advertisement

Main Ad

كينياء الزمن (3) : تكوين المحاكاة الزمنية - التفاعل بين الذات والوجود وتكوين الفيزياء والعالمين || حكمة الشمس : الكينياء ALKYNILOGY

 

العالم الذي تراه الآن ليس فقط ظاهرة متصلة .. الوجود أعظم مما تتخيل..

وقبل أن نكمل الحديث، وجب التنبه إلى أن نفس الموضوع في البحث العلمي، ينقسم في تدارسه إلى البعد الفيزيائي Physics والبعد الوجودي Antologics، وهذا يسبب الكثير من الضباب …

سأشرح لك الأمر بالتدريج والتفصيل الغير ممل فاستعد ^_^ على الناس وعلى الفيزيائيين.

الفيزياء لا تسأل أسىئلة أنطولوجية وتكوينية - مثل :

  • ما هو الواقع ؟
  • كيف يوجد الواقع ؟
  • ما هي الغاية من الواقع
  • ماهي مستويات العوالم ؟

لأن الماهيات والوجوديات والعلل هي أمور لا يمكن للتجربة والرياضيات أن تحدد معطياتها.

الفيزياء حين تسأل ، تقول :

"ما هي الظاهرة المرصودة" "ما هي اقترانات الموضوع الزمنية والمكانية ضمن المحل ببقية الظواهر الفيزيائية ؟"

الفرق بين العلة والسبب : 


عندما مثلاً نسأل : هل الواقع متوقف على الوعي المدرك له؟

أنت لا تسأل الآن : "ما هو القانون الذي يشرح متعلقات الحدث الفيزيائي" فلا تقول مثلاً "ما السبب المادي لهذا الحدث" أو "ما الظواهر المتعلقة بحدوث هذا الحدث".

أنت تسأل عن الحدث الفيزيائي بشكل شمول، ليس عن حدث بعينه، وإجابة الفيزياء عادة هي : 

"نرصد الظواهر المقترنة بحدث ما، ثم نعطي تعريفاً للعلاقات بين الأحداث وبحسب هذه العلاقات وبين الحدث نستخلص القانون" 

فسببية الفيزياء هي من النوع أ >> ب بحيث ان أ و ب هما من نفس السنخ ، مادة أو طاقة ضمن المادة، وتكون أ مساوية تماماً لباء إلا بقدر تأثير العوامل الخارجية على التحول.

هذه السببية تسمى "سببية طوبوغرافية" أو 1 : 1

في الصورة السابقة : لاحظ أن النتيجة انعكست نفسها من سبب فيزيائي مساوي لها في القيم الفيزيائية، وهذا السبب مر بمراحل ضمن الزمكان المحلي، لأنه من نفس مستوى وجودها، فهو ليس علة للضوء، أي لا يفسر لك ما هو الضوء أصلاً ولماذا يتصرف بهذه الطريقة، ولكنه يصف لك "حركة الضوء الزمنية ضمن المحل".

لو كان هناك علة أقوى من المحليات فلا يمكن دراستها فيزياياً ، سواء بالتجريب أو الاستدلال الرياضي المادي ، لأنها لن تمر باقترانات زمنية وشعاع متصل مكانياً كما هو الحال في الضوء، وكل القوى الطبيعية الأخرى.

والحتمية هنا حتمية مادية، أي أن قوانين المادة تكون حتمية على كل المواد.

حقيقة مبدأ الارتياب "اللاتحديد" :

السببية في الفيزياء هي سبب مادي محلي يؤدي لنتيجة مادية ومحلية، وعدم وجود سبب لحدث فيزيائي يعني عدم وجود حدث فيزيائي آخر يسبقه وينتجه.

ولذلك عندما تقرأ عن مبدأ الارتياب فينبغي أن تعلم أنهم يقصدون عدم وجود سبب "مادي" للظاهرة، وأن أسبابها لا يمكن وصفها بمعادلة "فيزيائية" لأن سببها الحقيقي غير مادي، ولا معنى لمبدأ الارتياب إلا ضمن هذا النطاق.

هنا تنتهي وظيفة الفيزياء، لأن الأسباب البنائية للعالم، والتي تسمى بسببية الكموم غير خاضعة للتجريب، لا حالياً ولا في المستقبل، لأنها ليست فيزيائية أصلاً، لأنك تتحدث عن البناء الأساسي للمادة والكون، فكل الفيزياء تأتي كنتيجة للكموم، ولكن الكموم نفسها تسبق مرحلة الفيزياء المرصودة والمحلية .

إذن ما هو سبب انخلاق الجسيمات الأولية في عالم الكموم ؟

المشكلة الآن بطريقة إثبات افتراض ما لا تتعلق بأجهزة القياس ودقتها كما يشاع. مهما بلغت دقة الأجهزة فإنها ستصور الحدود ولآثار فقط، ولن تنفذ لما وراءها. ولنفرض أنها صورت أصغر شيء يمكن تصويره وهو الحدث البدئي أو زمن بلانك، فقبل هذا الحدث لا شيء يمكن تصويره لأن كل الأحداث الكونية تبدأ منه.

ولكنه حدث يحدث ، له قيم فيزيائية مثل الكتلة والحجم والمكان والسرعة، لكن ليس له سبب فيزيائي، لأنه أصغر وحدة للأسباب الفيزيائية، فلا يوجد سرعة أقل منه حتى يتركب منها، ولا يوجد كتلة أصغر منه حتى يبنى من كتل أخرى، ومكانه هو أحد المكان وزمانه أقصر الزمان، فليس هناك عوامل فيزيائية أصغر يتركب منها حد بلانك ، أو الحد الكوني بغض النظر عن المسمى وعن القيم المتعينة.

طيب هذا الحدث من أين جاء؟ لماذا يتحرك؟ هل هي أحرف أبجدية أزلية تستمر في التراكب هكذا ؟ طب ما هو السبب في وجود ماهية معينة لهذا الحدث ؟ لماذا له قيم فيزيائية لها معنى معين ورقم معين ؟ هل هو هكذا وكفى …

الفيزياء لا تعطي إجابات على هذه الأسئلة وليس من وظيفتها أصلاً أن تعطي هكذا إجابات، ورغم ذلك يوجد تخصص كامل يسمى ب"الفيزياء النظرية" وهو حالياً يحاول الإجابة على هذه الأسئلة اللامادية من منطلق مادي خالص … يقول مثلاً هناك أوتار فائقة تنتج هذه الحدثيات، وهذه الأوتار كائنات متعددة الأبعاد في اتصالها وبذلك تقل عن حدود ثوابت بلانك، وتصبح أقل من المحليات الكمية للكون الحالي ذو الأربعة أبعاد، ولكنها أيضاً لا تزال محلية ومكانية في أبعاد متعددة غير أبعاد هذا الكون.

بهذا يكون لديك تفسير عن كيفية نتوج الأحداث الأكثر تناهياً في الكون.

بالمقابل يكون هناك سؤال يطرح نفسه من جديد "ما هو السبب في نشأة الأوتار متعددة الأبعاد ؟ ولماذا لها ماهية معينة ذات قيم فيزيائية معينة بالنسبة لعالمنا"

ففي الحقيقة أن تحليل الظاهرة إلى عناصرها المركبة ليس إجابة على سؤال وجودي وتكويني، لأن هذه العناصر إما تتحلل إلى عناصر أبسط فأبسط، حتى تنتهي إلى الكائنات الأكثر بساطة في الفيزياء والتي ليس وراءها فيزياء، وإما أن تكون هي نفسها الأبسط.

إذن الفيزياء لا تقول لك أن الوجود فوضوي أو ارتيابي، بل تقول لك أن "المستوى الفيزيائي" من الوجود، لا يمكن تعليل نفسه بفسه في معادلة سببية رصينة، هذا هو مبدأ الارتياب.

[هل] تعمم هذا المبدأ على سائر الوجود ؟ هذا سيحدث في حالة واحدة فقط : عندما تقول ليس هناك شيء في الوجود إلا الفيزياء، وكل شيء سواها لا وجود له … هذا جواب فلسفي، لأن المسألة أصلاً خرجت عن قدرة الفيزياء ورياضياتها على الإجابة ، هذا جواب يمكن ترجمته بنظرية المنظومة المادية المغلقة على ذاتها أو ذلك المذهب الذي يقول لا من شيء إلا وهو مادة صرفة محسوسة. 

تقييم هذه الإجابة، أو محاولة الوصول إلى الحقيقة ، هذا يحتاج أكثر من الإحصاء للظواهر الطبيعية وتأويل علاقاتها وبناء النماذج حولها.


العلل هي الأسباب التي تخلق الواقع نفسه ولا تقع ضمنه






فهم العلاقة بين الواقع المحلي والكموم يستدعي تطبيق ميكانيك مصفوفي لا محلي



لاحظ المسارات التي يحتملها الالكترون محققة دائماً معاً، ولكن الراصد يتفاعل مع مسار محدد منها، أي أن العالم بالأصل مطلق عن القيود المحلية [ هنا والآن ضمن الواقع المادي ] ولكن رصد الإنسان محلي ولذلك يبدو عالمه محلياً أيضاً.





في ميكانيك بوم يتم تصوير العالم الفيزيائي كهولوغراف، أي أن الأسباب الحقيقية ليست مشابهة للنتائج في طبيعتها، وهذه الأسباب تعطي كافة الاحتمالات الممكنة للحدث [ كاحتمالات توزيع موجهة الاكترون ] في نفس الميقات [ معبراً عنها بمسارات في الصورة السابقة ] ولكنها لا تعطي "التحديد" ، وهذا هو الذي يقوم به الراصد حين تتداخل موجة رصده الإرشادية مع موجة الالكترون الإرشادية. 
وهذه الموجة ليست محلية وهي أشبه بالمصفوفة التفاعلية منها بشيء موضوعي، وهذا لأنها تقع في مستوى العلل والعوالم العليا.



كل مستوى من مستويات العوالم العليا ينتج عنه عدد لا نهائي من عوالم المستوى الذي يليه، كل مستوى يعطي كافة الاحتمالات والإمكانات للمستوى الذي ينبعث منه.






العلل وراء الأحداث


تحدثنا فيما سبق عن مبادئ الطبيعة في الفيزيقا القديمة وأن هذه العلل الأربعة [الماهية والطاقة الفاعلة والغاية الموجهة والهيولى] كانت تتحدث عن المستوى العميق من الواقع المرصود، وبطبيعة الحال كانت هذه العلل أقوى من رصدها وإدراكها على المستوى المادي وحده.

فإذا كانت أسباب الظواهر غير مادية ولا محلية، وكان لها قانون معرف بطريقة ما، أو دالة من أي نوع، فإن مبدأ الارتياب لا يسري عليها وعلى ذاك القانون أو الميزان، وهو كذلك غير حتمي بشكل ميكانيكي لأنه ليس فقط مادة، لأنك لا تتحدث نفس أسباب الفيزياء حتى تستخدمها في الحكم على الواقع الفائق .. هل عرفت الآن معنى المبدأ الجوهري الذي أطلقه آينشتاين على سبب ظواهر الكوانتم حين دعاه "المتغيرات الخفية"؟

المتغيرات الخفية هي "العلل أو السبب الجوهري للحدث" وهو إجابة على السؤال ( كيف "ينخلق" الحدث). من المستوى الأعمق من الفيزياء التي نعرفها والتي تدرس المادة والعالم المادي.

أما القوانين الفيزيائية فهي تشرح "كيف يسير الحدث" بالنسبة للأحداث الفيزيائية الأخرى …

الذات والوجود وتكوين الزمن

لذلك إذا سمعت بنظرية تخبرك أن وجود الواقع متوقف على إدراكك له، فلا تحاكمها بمبادئ فيزيائية من ما تقرؤه في ميكانيك الكم وغيرها. لأن ميكانيك الكم ببساطة، لا تجيبك عن مثل هذه التساؤلات..

هذه الرؤية أعلى من مستوى دراسة الماديات وحدها، فهي تعتمد على منهج معرفي يحاول الرؤية بشمولية أكبر ، ولكن الفيزياء وتحديدا الكمومية ، وفرت لنا قاعدة بيانات لتجارب تثبت وجود ظاهرة على مستوى الكموم، لا يمكن تفسيرها إلا بهذا الموضوع.

لكن الذين يقولون أن الواقع أعمق من المادة، لا يقصدون أن الواقع متوقف على رصدك له، بل : واقعك متوقف على تفاعلك معه، وليس فقط رصدك.

من الناحية الفيزيائية فواضح جدا أن العالم الفيزيائي الذي تعرفه ( كما تعرفه ) معتمد على وجودك في الشكل الذي يظهر عليه، ولذلك الأعمى لا يعرف الألوان كانطباعات حسية لها معنى يذوقه، لكنه يعرف المعادلات التقنية الخاصة بالألوان وما هي فيزياء الطيف اللوني. ولذلك لا يمكن للأعمى أن يرى النجوم ، ولكنه يفهم ما "وظيفة" النجوم ، ما موقعها في الكون، فذلك لا يعني أنه يرى النجوم أو يدرك حقيقتها الظاهرية.

وإذا لم تتوفر على الأرض أي عين فيزيائية ترصد النجوم وتسجل أثرها فمن المستحيل ماديا أن يعرف الناس ما هي النجوم حتى يأتي شخص من الفضاء ويخبرهم.

حتى عندما تريد تعريف كيان فيزيائي في مجرة أخرى ، فإنك تنسبه إلى مجرته ضمن الخريطة الفلكية كما تتبدى لك على الأرض، أي أنك جزء لا يتجزأ من تعريفه المكاني والزماني، وخارج تعريفك له لا يمكن أن تدركه. فوجوده وعدمه بالنسبة لك سواء، حتى المادة المظلمة، أنت بطريقة ما تتفاعل معها ولذلك يمكنك التعرف عليها، لو أنك لم تتفاعل معها بوساطة الجهاز الذي يصل بين حواسك وبينها، أو بوساطة حساب القوى الفيزيائية واكتشاف التأثير الممارس عليك من قوة غير مرئية، فإنك لن تستطيع أبدا أن تفهم ما هي المادة المظلمة.

وحتى حين تحلل الأرصاد الفيزيائية ، أنت عنصر فاعل فيها، لأن الالكترون الذي لا يؤثر بشيء لا يوجد طريقة رصده فيزيائيا، وطالما أنه يؤثر ويتأثر فمن الممكن له الوجود في الكون، إن خرج عن التأثير يمكنك القول أنه أصبح غير نسبوي في علاقاته، غير محلي في وجوده، غير مادي ولا فيزيائي.

وجود المادة يعني وجود أنساق ووصف كمحليات للتفاعل الزمني بين عناصر مجموعة المادة، إذا لم تتفاعل الكاىنات المادية مع بعضها بطريقة محلية ونسبوية، فلا فرق بينها وبين الميتافيزيقا بشيء.

أنت كذات واعية مدركة يجب أن تكون قادرا على فهم هذا الموضوع، الواقع المادي هو تفاعل مادي. ليست القصة كما يدعي الماديون أو المغيبون أن هذه النظرية تقول أن "المادة متوقفة في وجودها على تأثير المراقب"، وإنما نحن نقول أن المادة متوقف تشكلها بنحو معين على "التفاعل" بين الوعي والنفس وبين الواقع.

أما ذات الوعي وذات الواقع فهذه يحددها الله عز وجل وإليه ترجع العلل ...

فهذا التفاعل بينك من جهة، وبين الواقع المادي من جهة، هو تفاعل متبادل التأثير، على المستوى الفيزياىي يمكن لك فهم ذلك بسهولة، فجسمك في النهاية فيزياء، قوى وأمواج ، ولو كان جسمك ليس بفيزياء لما اتصلت بكائنات تنطبق عليها صفة الفيزياء بالتحديد.

هذه القضية من "مسلمات" الفيزياء، لا تحتاج لمعادلات تفاضلية معقدة لإثباتها، هذه بداهة وكل الناس تدركها حتى من لا يمكنه التعبير باللغة الصحيحة.

السؤال الحقيقي : أيكفي التفاعل بين الكيانات الفيزيائية وحده لانخلاق الوجود الفيزيائي؟ الجواب كلا…

لأن هذا التفاعل الفيزيائي لا يشرح "كيف يتكون الواقع" وإنما كيف "يسير الواقع بالنسبة لمن يرصد مستواه الناتج عن عملية التكوين" ولذلك في المنطق وفلسفة الطبيعة نقول إن الفيزياء التجريبية تبحث في الكيف الآلي (الظاهرة واقتراناتها) وليس في الكيف العلي (علة وجود الظاهرة على هذا النحو بالنسبة لهذا الراصد).

كانت إجابة الهرمسية منذ قديم الزمن أن الزمان هو تفاعل بين الذات والوجود، ينشأ عنه عوالم متعددة كمحاكاة لطليعة هذا التفاعل، قاعدة التفاعل تقع في عوالم عليا تسمى بالغيب والحضور، وهي تعتمد على القلب والمشاعر الوجدانية فهي أكثر ما يمكنه التغيير الزمني. ثم تأتي قوى النفس وهي المشرف الحقيقي على عملية تكوين المن وفي النهاية يوجد قوى الجسد الناتج عنها.

وهذا المبحث الأنطولوجي موجود منذ وقت طويل، بدأ من الهرمسية الكابالا والعرفان الإسلامي والطاوية، وانتهاءً بلايبنتز ، فخته ، شلنغ - هيجل - وهدسون والأرواحيون الجدد ..

مثلاً يقول لايبنتز أن الوجود الفيزيائي هو تفاعل بين الوعي (الروح المطلق) والوجود، وأن القيود التي تسبب المعاناة في عالم المادة تحدث بسبب خطيئة اللاالتفاف وغياب الوعي عن هذا التفاعل.

ولكي تجيب هذا السؤال يجب أن تبحث إدراكياً وليس موضوعياً، أي أن ترد العالم بأسره إلى إدراكك الواعي المباشر له وحينها ستشهد أموراً أعمق من تفاصيل العالم نفسه، وهذه الأمور أشبه بالتجارب الصوفية والعبور الزمني ... هذا ما يسمى بالمنهج العرفاني في الإسلام، وفي الغرب يسمى بالفينومينولوجيا، وفي الشرق له تسميات أخرى بحسب البلد والثقافة منها وأهمها الراجا يوغا والجنانا يوغا والطاوية.

وهذا ما سنترك له المجال لحديث آخر بإذن الله ... والحمد لله رب العالمين.

إرسال تعليق

0 تعليقات